(يَسْتَمِيلُهُ، فَمَالَ إِلَيْهِ، فَانْتَقَلَ إِلَى عَسْكَرِهِ، وَقَصَدَهُ الْعَرَبُ) مِنَ الْجَزِيرَةِ، وَاسْتَخْرَجَ لَهُمُ الْأَرْزَاقَ مِنْ هَرْثَمَةَ، فَصَارَ مَعَهُ نَحْوُ أَلْفَيْ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، فَصَارَ يُخَاطَبُ بِالْأَمِيرِ.
فَلَمَّا قُتِلَ الْأَمِينُ نَقَصَهُ هَرْثَمَةُ مِنْ أَرْزَاقِهِ وَأَرْزَاقِ أَصْحَابِهِ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْحَجِّ، فَأَذِنَ لَهُ وَأَعْطَاهُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَفَرَّقَهَا فِي أَصْحَابِهِ وَمَضَى، وَقَالَ لَهُمْ: اتَّبِعُونِي مُتَفَرِّقِينَ. فَفَعَلُوا، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ مِنْهُمْ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْ فَارِسٍ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى عَيْنِ التَّمْرِ وَحَصَرَ عَامِلَهَا، وَأَخَذَ مَا مَعَهُ مِنَ الْمَالِ وَفَرَّقَهُ فِي أَصْحَابِهِ.
وَسَارَ، فَلَقِيَ عَامِلًا آخَرَ وَمَعَهُ مَالٌ عَلَى ثَلَاثَةِ بِغَالٍ، فَأَخَذُوهَا وَسَارَ، فَلَحِقَهُ عَسْكَرٌ كَانَ قَدْ سَيَّرَهُ هَرْثَمَةُ خَلْفَهُ، فَعَادَ إِلَيْهِمْ وَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَهُمْ، وَدَخَلَ الْبَرِّيَّةَ، وَقَسَّمَ الْمَالَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَانْتَشَرَ جُنْدُهُ، فَلَحِقَ بِهِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ، فَسَارَ نَحْوَ دَقُوقَاءَ، وَعَلَيْهَا أَبُو ضِرْغَامَةَ الْعِجْلِيُّ، فِي سَبْعِمِائَةِ فَارِسٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَلَقِيَهُ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ أَبُو ضِرْغَامَةَ وَدَخَلَ قَصْرَ دَقُوقَاءَ، فَحَصَرَهُ أَبُو السَّرَايَا، وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْقَصْرِ بِالْأَمَانِ، وَأَخَذَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ.
وَسَارَ إِلَى الْأَنْبَارِ وَعَلَيْهَا إِبْرَاهِيمُ الشَّرَوِيُّ، مَوْلَى الْمَنْصُورِ، فَقَتَلَهُ أَبُو السَّرَايَا، وَأَخَذَ مَا فِيهَا وَسَارَ عَنْهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا بَعْدَ إِدْرَاكِ الْغِلَالِ، فَاحْتَوَى عَلَيْهَا، ثُمَّ ضَجِرَ مِنْ طُولِ السُّرَى فِي الْبِلَادِ، فَقَصَدَ الرَّقَّةَ، فَمَرَّ بِطَوْقِ بْنِ مَالِكٍ التَّغْلِبِيِّ وَهُوَ يُحَارِبُ الْقَيْسِيَّةَ، فَأَعَانَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَقَامَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يُقَاتِلُ عَلَى غَيْرِ طَمَعٍ إِلَّا لِلْعَصَبِيَّةِ لِلرَّبَعِيَّةِ عَلَى الْمُضَرِيَّةِ، فَظَفِرَ طَوْقٌ وَانْقَادَتْ لَهُ قَيْسٌ.
وَسَارَ عَنْهُ أَبُو السَّرَايَا إِلَى الرَّقَّةِ، فَلَمَّا وَصَلَهَا لَقِيَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ طَبَاطَبَا، فَبَايَعَهُ، وَقَالَ لَهُ: انْحَدِرْ أَنْتَ فِي الْمَاءِ، وَأَسِيرُ أَنَا عَلَى الْبَرِّ، حَتَّى نُوَافِيَ الْكُوفَةَ. فَدَخَلَاهَا، وَابْتَدَأَ أَبُو السَّرَايَا بِقَصْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى بْنِ عِيسَى فَأَخَذَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ، وَكَانَ عَظِيمًا لَا يُحْصَى، وَبَايَعَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ.
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبَ خُرُوجِهِ أَنَّ أَبَا السَّرَايَا كَانَ مِنْ رِجَالِ هَرْثَمَةَ، فَمَطَلَهُ بِأَرْزَاقِهِ فَغَضِبَ، وَمَضَى إِلَى الْكُوفَةِ، (فَبَايَعَ ابْنَ طَبَاطَبَا، وَأَخَذَ الْكُوفَةَ) ، وَاسْتَوْسَقَ لَهُ أَهْلُهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute