وَأَتَاهُ النَّاسُ مِنْ نَوَاحِي الْكُوفَةِ وَالْأَعْرَابُ، فَبَايَعُوهُ، وَكَانَ الْعَامِلَ عَلَيْهَا لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمَنْصُورِ، فَلَامَهُ الْحَسَنُ، وَوَجَّهَ زُهَيْرَ بْنَ الْمُسَيَّبِ الضَّبِّيَّ إِلَى الْكُوفَةِ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْنُ طَبَاطَبَا وَأَبُو السَّرَايَا، فَوَاقَعُوهُ فِي قَرْيَةِ شَاهِي فَهَزَمُوهُ، وَاسْتَبَاحُوا عَسْكَرَهُ، وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ سَلْخَ جُمَادَى الْآخِرَةِ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ، مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَبَاطَبَا فَجْأَةً، سَمَّهُ أَبُو السَّرَايَا، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا غَنِمَ مَا فِي عَسْكَرِ زُهَيْرٍ مَنَعَ عَنْهُ أَبَا السَّرَايَا، وَكَانَ النَّاسُ لَهُ مُطِيعِينَ، فَعَلِمَ أَبُو السَّرَايَا أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ مَعَهُ، فَسَمَّهُ فَمَاتَ، وَأَخَذَ غُلَامًا أَمْرَدَ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَانَ الْحُكْمُ إِلَى أَبِي السَّرَايَا.
وَرَجَعَ زُهَيْرٌ إِلَى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَأَقَامَ بِهِ، وَوَجَّهَ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ عَبْدُوسَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ الْمَرْوَرُوذِيَّ، فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو السَّرَايَا، فَلَقِيَهُ بِالْجَامِعِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ رَجَبٍ، فَقَتَلَ عَبْدُوسًا، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدٌ، كَانُوا بَيْنَ قَتِيلٍ وَأَسِيرٍ.
وَانْتَشَرَ الطَّالِبِيُّونَ فِي الْبِلَادِ، وَضَرَبَ أَبُو السَّرَايَا الدَّرَاهِمَ بِالْكُوفَةِ، وَسَيَّرَ جُيُوشَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ وَوَاسِطٍ وَنَوَاحِيهِمَا.
فَوَلَّى الْبَصْرَةَ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَعْفَرِيَّ. وَوَلَّى مَكَّةَ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَفْطَسُ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ الْمَوْسِمَ. وَوَلَّى الْيَمَنَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ. (وَوَلَّى فَارِسَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ. وَوَلَّى الْأَهْوَازَ زَيْدَ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ) ، فَسَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَأَخْرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute