للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَرْبِيَّةُ إِسْحَاقَ إِلَيْهِمْ، وَأَنْزَلُوهُ عَلَى دُجَيْلٍ، وَجَاءَ زُهَيْرُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، فَنَزَلَ فِي عَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ، وَبَعَثَ الْحَسَنُ عَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَخَلُوا بَغْدَاذَ لَيْلًا فِي شَعْبَانَ، وَقَاتَلَ الْحَرْبِيَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى قَنْطَرَةِ الصَّرَاةِ، ثُمَّ وَعَدَهُمْ رِزْقَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا أُدْرِكَتِ الْغَلَّةُ، فَسَأَلُوهُ تَعْجِيلَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُنْفِقُونَهَا فِي رَمَضَانَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ.

وَجَعَلَ يُعْطِيهِمْ، فَلَمْ يَتِمَّ الْعَطَاءُ حَتَّى أَتَاهُمْ خَبَرُ زَيْدِ بْنِ مُوسَى مِنَ الْبَصْرَةِ، الْمَعْرُوفِ بِزَيْدِ النَّارِ، وَكَانَ هَرَبَ مِنَ الْحَبْسِ، وَكَانَ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، فَخَرَجَ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَنْبَارِ هُوَ وَأَخُو أَبِي السَّرَايَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ مِائَتَيْنِ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ هِشَامٍ، وَهَرَبَ عَلِيُّ بْنُ هِشَامٍ بَعْدَ جُمُعَةٍ مِنَ الْحَرْبِيَّةِ، وَنَزَلَ بِصَرْصَرٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ لَهُمْ بِإِعْطَاءِ الْخَمْسِينَ إِلَى أَنْ جَاءَ الْأَضْحَى، وَبَلَغَهُمْ خَبَرُ هَرْثَمَةَ وَأَخْرَجُوهُ.

وَكَانَ الْقَيِّمَ بِأَمْرِ هَرْثَمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ; لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ كَانَ يَسْتَخِفُّ بِهِ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَحَوَّلَ إِلَى الْحَرْبِيَّةِ، فَلَمْ يَقْرَبْهُمْ عَلِيٌّ، فَهَرَبَ إِلَى صَرْصَرٍ، ثُمَّ هَزَمُوهُ مِنْ صَرْصَرٍ.

وَقِيلَ: كَانَ السَّبَبَ فِي شَغَبِ الْأَبْنَاءِ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ سَهْلٍ جَلَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مَاهَانَ الْحَدَّ، فَغَضِبَ الْأَبْنَاءُ، وَخَرَجُوا.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِالْمَوْصِلِ

وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِالْمَوْصِلِ بَيْنَ بَنِي سَامَةَ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ، فَاسْتَجَارَتْ ثَعْلَبَةُ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْهَمْدَانِيِّ، وَهُوَ أَخُو عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَمِيرِ الْبَلَدِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَفَعَلُوا، فَتَبِعَهُمْ بَنُو سَامَةَ فِي أَلْفِ رَجُلٍ إِلَى الْعَوْجَاءِ، وَحَصَرُوهُمْ فِيهَا، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عَلِيًّا وَمُحَمَّدًا ابْنَيِ الْحُسَيْنِ، فَأَرْسَلَا الرِّجَالَ إِلَيْهِمْ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ مِنْ بَنِي سَامَةَ جَمَاعَةٌ، وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَمَنْ بَنِي تَغْلِبَ، وَكَانُوا مَعَهُمْ، فَحُبِسُوا فِي الْبَلَدِ.

ثُمَّ إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيَّ التَّغْلِبِيَّ أَتَى مُحَمَّدًا، وَطَلَبَ إِلَيْهِ الْمُسَالَمَةَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَصَلُحَ الْأَمْرُ، وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>