{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٩٢] .
ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَأْمُونِ بِبُورَانَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بَنَى الْمَأْمُونُ بِبُورَانَ ابْنَةِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ الْمَأْمُونُ سَارَ مِنْ بَغْدَاذَ إِلَى فَمِ الصُّلْحِ إِلَى مُعَسْكَرِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ، فَنَزَلَهُ، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ بُورَانُ، فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهَا الْمَأْمُونُ كَانَ عِنْدَهَا حَمْدُونَةُ بِنْتُ الرَّشِيدِ، وَأُمُّ جَعْفَرٍ زُبَيْدَةُ أُمُّ الْأَمِينِ، وَجَدَّتُهَا أُمُّ الْفَضْلِ، وَالْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ.
فَلَمَّا دَخَلَ نَثَرَتْ عَلَيْهِ جَدَّتُهَا أَلْفَ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ أَنْفَسِ مَا يَكُونُ، فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ بِجَمْعِهِ فَجُمِعَ، فَأَعْطَاهُ بُورَانَ وَقَالَ: سَلِي حَوَائِجَكِ. فَأَمْسَكَتْ، فَقَالَتْ جَدَّتُهَا: سَلِي سَيِّدَكِ فَقَدْ أَمَرَكِ. فَسَأَلَتْهُ الرِّضَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. وَسَأَلَتْهُ الْإِذْنَ لِأُمِّ جَعْفَرٍ فِي الْحَجِّ، فَأَذِنَ لَهَا، وَأَلْبَسَتْهَا أُمُّ جَعْفَرٍ الْبَدْلَةَ اللُّؤْلُئِيَّةَ الْأُمَوِيَّةَ، وَابْتَنَى بِهَا فِي لَيْلَتِهِ، وَأُوقِدَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ شَمْعَةُ عَنْبَرٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ مَنًا.
وَأَقَامَ الْمَأْمُونُ عِنْدَ الْحَسَنِ سَبْعَةَ (عَشَرَ يَوْمًا) ، يُعِدُّ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَخَلَعَ الْحَسَنُ عَلَى الْقُوَّادِ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ، وَحَمَلَهُمْ، وَوَصَلَهُمْ، وَكَانَ مَبْلَغُ مَا لَزِمَهُ خَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَتَبَ الْحَسَنُ أَسْمَاءَ ضِيَاعِهِ فِي رِقَاعٍ، وَنَثَرَهَا عَلَى الْقُوَّادِ، فَمَنْ وَقَعَتْ بِيَدِهِ رُقْعَةٌ مِنْهَا فِيهَا اسْمُ ضَيْعَةٍ بُعِثَ فَتَسَلَّمَهَا.
ذِكْرُ مَسِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ إِلَى مِصْرَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ (إِلَى مِصْرَ، وَافْتَتَحَهَا) ، وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ السَّرِيِّ.
وَكَانَ سَبَبَ مَسِيرِهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ قَدْ كَانَ تَغَلَّبَ عَلَى مِصْرَ، وَخَلَعَ الطَّاعَةَ، وَخَرَجَ جَمْعٌ مِنَ الْأَنْدَلُسِ فَتَغَلَّبُوا عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَاشْتَغَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ عَنْهُمْ بِمُحَارَبَةِ نَصْرِ بْنِ شَبَثٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ سَارَ نَحْوَ مِصْرَ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهَا عَلَى مَرْحَلَةٍ قَدَّمَ قَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute