للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَامْتَحَنَهُ بِمَا فِي الرُّقْعَةِ، فَلَمَّا أَتَى إِلَى " {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] " [قَرَأَ] : {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ، وَأَمْسَكَ عَنْ: وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي وَلَا وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ ابْنُ الْبَكَّاءِ الْأَصْغَرُ فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ! إِنَّهُ يَقُولُ: سَمِيعٌ مِنْ أُذُنٍ، وَبَصِيرٌ مِنْ عَيْنٍ. فَقَالَ إِسْحَاقُ لِأَحْمَدَ: مَا مَعْنَى قَوْلِكَ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟ قَالَ: هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ. (قَالَ: فَمَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي أَهْوَ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ) .

ثُمَّ دَعَا بِهِمْ رَجُلًا رَجُلًا كُلُّهُمْ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، إِلَّا قُتَيْبَةَ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَابْنَ عُلَيَّةَ الْأَكْبَرَ، وَابْنَ الْبَكَّاءِ، وَعَبْدَ الْمُنْعِمِ بْنَ إِدْرِيسَ (ابْنَ بِنْتِ، وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَالْمُظَفَّرَ بْنَ مُرَجَّى، وَرَجُلًا مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَاضِي الرَّقَّةِ، وَابْنَ الْأَحْمَرِ، فَأَمَّا ابْنُ الْبَكَّاءِ الْأَكْبَرُ، فَإِنَّهُ قَالَ: الْقُرْآنُ مَجْعُولٌ ; لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: ٣] وَالْقُرْآنُ مُحْدَثٌ ; لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] .

قَالَ إِسْحَاقُ: فَالْمَجْعُولُ مَخْلُوقٌ. (قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَالْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: لَا أَقُولُ: مَخْلُوقٌ، وَلَكِنَّهُ مَجْعُولٌ. فَكَتَبَ مَقَالَتَهُ وَمَقَالَاتِ الْقَوْمِ رَجُلًا رَجُلًا، وَوُجِّهَتْ إِلَى الْمَأْمُونِ، فَأَجَابَ الْمَأْمُونُ يَذُمُّهُمْ وَيَذْكُرُ كُلًّا مِنْهُمْ، وَيَعِيبُهُ وَيَقَعُ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُحْضِرَ بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ، وَيَمْتَحِنَهُمَا، فَإِنْ أَجَابَا، وَإِلَّا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا، وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمَا، فَإِنْ أَجَابَ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَإِلَّا حَمَلَهُمْ مُوَثَّقِينَ بِالْحَدِيدِ إِلَى عَسْكَرِهِ مَعَ نَفَرٍ يَحْفَظُونَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>