للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَحْضَرَهُمْ إِسْحَاقُ، وَأَعْلَمَهُمْ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمَأْمُونُ، فَأَجَابَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ، وَهُمْ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسَجَّادَةُ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ الْمَضْرُوبُ، فَأَمَرَ بِهِمْ إِسْحَاقُ فَشُدُّوا فِي الْحَدِيدِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَعَاهُمْ فِي الْحَدِيدِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِمُ الْمِحْنَةَ، فَأَجَابَهُ سَجَّادَةُ وَالْقَوَارِيرِيُّ، فَأَطْلَقَهُمَا، وَأَصَرَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ عَلَى قَوْلِهِمَا، فَشُدَّا فِي الْحَدِيدِ، وَوُجِّهَا إِلَى طَرَسُوسَ، وَكَتَبَ إِلَى الْمَأْمُونِ بِتَأْوِيلِ الْقَوْمِ فِيمَا أَجَابُوا إِلَيْهِ، فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ: إِنَّنِي بَلَغَنِي عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] ، وَقَدْ أَخْطَأَ التَّأْوِيلَ، إِنَّمَا عَنَى اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِلْإِيمَانِ، مُظْهِرًا لِلشِّرْكِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِلشِّرْكِ، مُظْهِرًا لِلْإِيمَانِ، فَلَيْسَ هَذَا لَهُ.

فَأَشْخَصَهُمْ جَمِيعًا إِلَى طَرَسُوسَ لِيُقِيمُوا بِهَا إِلَى أَنْ يَخْرُجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، فَأَحْضَرَهُمْ إِسْحَاقُ، وَسَيَّرَهُمْ جَمِيعًا إِلَى الْعَسْكَرِ، وَهُمْ: أَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَالذَّيَّالُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَبُو الْعَوَّامِ، وَسَجَّادَةُ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، (وَابْنُ الْحَسَنِ بْنِ) عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَأَبُو مَعْمَرِ بْنُ الْهَرْشِ، وَابْنُ الْفَرُّخَانِ، وَأَحْمَدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَأَبُو هَارُونَ بْنُ الْبَكَّاءِ، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى الرَّقَّةِ بَلَغَهُمْ مَوْتُ الْمَأْمُونِ فَرَجَعُوا (إِلَى بَغْدَاذَ) .

ذِكْرُ مَرَضِ الْمَأْمُونِ وَوَصِيَّتِهِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَرِضَ الْمَأْمُونُ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ.

وَكَانَ سَبَبَ مَرَضِهِ مَا ذَكَرَهُ سَعْدُ بْنُ الْعَلَّافِ الْقَارِئُ قَالَ: دَعَانِي الْمَأْمُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>