للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْمِلُنِي. فَقُلْتُ: أَنَا أُعْطِيكَ رَاحِلَةً وَنَفَقَةً. فَأَعْطَيْتُهُ رَاحِلَةً نَجِيبَةً، وَثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَعَمِلَ أُرْجُوزَةً لَيْسَتْ بِالطَّوِيلَةِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْمَأْمُونِ.

قَالَ: فَجِئْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِسَلَغُوسَ. قَالَ: فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، وَأَنَا أَرُومُ بِالْعَسْكَرِ، وَإِذَا بِكَهْلٍ عَلَى بَغْلٍ فَارِهٍ، فَتَلَقَّانِي مُوَاجَهَةً وَأَنَا أُرَدِّدُ نَشِيدَ أُرْجُوزَتِي

فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ.

فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

قَالَ: قِفْ إِنْ شِئْتَ!

فَوَقَفْتُ فَتَضَوَّعَتْ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ.

فَقَالَ: مَا أَوَّلُكَ؟

قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ.

قَالَ: وَنَحْنُ مِنْ مُضَرَ.

ثُمَّ قَالَ: مَاذَا؟

قُلْتُ: مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. قَالَ: وَمَا بَعْدَ تَمِيمٍ؟

قُلْتُ: مِنْ بَنِي سَعْدٍ.

قَالَ: وَمَا أَقْدَمَكَ؟

قُلْتُ: قَصَدْتُ هَذَا الْمَلِكَ الَّذِي مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ أَنْدَى رَائِحَةً، وَلَا أَوْسَعَ رَاحَةً.

قَالَ: فَمَا الَّذِي قَصَدْتَهُ بِهِ؟

قُلْتُ: شِعْرٌ طَيِّبٌ يَلَذُّ عَلَى الْأَفْوَاهِ، وَيَحْلُو فِي آذَانِ السَّامِعِينَ.

قَالَ: فَأَنْشِدْنِيهِ! فَغَضِبْتُ وَقُلْتُ: يَا رَكِيكُ، أَخْبَرْتُكَ أَنِّي قَصَدْتُ الْخَلِيفَةَ بِمَدِيحٍ تَقُولُ: أَنْشِدْنِيهِ؟ فَتَغَافَلَ عَنْهَا وَأَلْغَى عَنْ جَوَابِهَا.

فَقَالَ: فَمَا الَّذِي تَأْمُلُ مِنْهُ؟

قُلْتُ: إِنْ كَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِي، فَأَلْفُ دِينَارٍ. (قَالَ: أَنَا أُعْطِيكَ أَلْفَ دِينَارٍ) ، إِنْ رَأَيْتُ الشِّعْرَ جَيْدًا، وَالْكَلَامَ عَذْبًا، وَأَضَعُ عَنْكَ الْعَنَاءَ، وَطُولَ التِّرْدَادِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَشَرَةُ آلَافِ رَامِحٍ وَنَابِلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>