للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: فَلِي عَلَيْكَ اللَّهُ أَنْ تَفْعَلَ! قَالَ: نَعَمْ، لَكَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ. فَأَنْشَدْتُهُ: مَأْمُونُ يَا ذَا الْمِنَنِ الشَّرِيفَهْ وَصَاحِبَ الْمَرْتَبَةِ الْمُنِيفَهْ وَقَائِدَ الْكَتِيبَةِ الْكَثِيفَهْ هَلْ لَكَ فِي أُرْجُوزَةٍ ظَرِيفَهْ أَظْرَفَ مِنْ فِقْهِ أَبِي حَنِيفَةْ لَا وَالَّذِي أَنْتَ لَهُ خَلِيفَهْ مَا ظُلِمَتْ فِي أَرْضِنَا ضَعِيفَهْ أَمِيرُنَا مُؤْنَتُهُ خَفِيفَهْ وَمَا اقْتَنَى شَيْئًا سِوَى الْوَظِيفَهْ فَالذِّئْبُ وَالنَّعْجَةُ فِي سَقِيفَهْ وَاللِّصُّ وَالتَّاجِرُ فِي قَطِيفَهْ

قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَنْ بَلَغْتُ هَاهُنَا، فَإِذَا زُهَاءَ عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، قَدْ سَدُّوا الْأُفُقَ يَقُولُونَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

قَالَ: فَأَخَذَتْنِي رِعْدَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيَّ بِتِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ أَيْ أَخِي. قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فَدَاكَ، مَنْ جَعَلَ الْكَافَ مَكَانَ الْقَافِ مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: حِمْيَرُ. قُلْتُ: لَعَنَ اللَّهُ حِمْيَرَ، وَلَعَنَ مَنِ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ اللُّغَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ.

وَضَحِكَ الْمَأْمُونُ، وَقَالَ لِخَادِمٍ مَعَهُ: أَعْطِهِ مَا مَعَكَ، فَأَخْرَجَ كِيسًا فِيهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَأَخَذْتُهَا وَمَضَيْتُ.

وَمَعْنَى سُؤَالِهِ عَنْ وَضْعِ الْكَافِ مَوْضِعَ الْقَافِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: يَا رَقِيقُ، فَقَالَ: يَا رَكِيكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>