وَأَرْدَبِيلَ، وَيَجْعَلُ فِيهَا الرِّجَالَ تَحْفَظُ الطُّرُقَ لِمَنْ يَجْلِبُ الْمِيرَةَ إِلَى أَرْدَبِيلَ؛ فَتَوَجَّهَ أَبُو سَعِيدٍ لِذَلِكَ، وَبَنَى الْحُصُونَ.
وَوَجَّهَ بَابَكُ سَرِيَّةً فِي بَعْضِ غُزَاتِهِ، فَأَغَارَتْ عَلَى بَعْضِ النَّوَاحِي وَرَجَعَتْ مُنْصَرِفَةً، وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا سَعِيدٍ؛ فَجَمَعَ النَّاسَ، وَخَرَجَ فِي طَلَبِ السَّرِيَّةِ، فَاعْتَرَضَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقَتَلَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ أَصْحَابِ بَابَكَ جَمَاعَةً، وَأَسَرَ جَمَاعَةً، وَاسْتَنْقَذَ مَا كَانُوا أَخَذُوهُ، وَسَيَّرَ الرُّؤُوسَ وَالْأَسْرَى إِلَى الْمُعْتَصِمِ، فَكَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ هَزِيمَةٍ عَلَى أَصْحَابِ بَابَكَ.
ثُمَّ كَانَتِ الْأُخْرَى لِمُحَمَّدِ بْنِ الْبُعَيْثِ، وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ فِي قَلْعَةٍ لَهُ حَصِينَةٍ تُسَمَّى الشَّاهِيَ، كَانَ ابْنُ الْبُعَيْثِ قَدْ أَخَذَهَا مِنِ ابْنِ الرُّوَّادِ، وَهِيَ مِنْ كُورَةِ أَذْرَبِيجَانَ، وَلَهُ حِصْنٌ آخَرُ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ يُسَمَّى تَبْرِيزَ، وَكَانَ مُصَالِحًا لِبَابَكَ، تَنْزِلُ سَرَايَاهُ عِنْدَهُ، فَيُضَيِّفُهُمْ حَتَّى أَنِسُوا بِهِ.
ثُمَّ إِنَّ بَابَكَ وَجَّهَ قَائِدًا اسْمُهُ عِصْمَةُ مِنْ أَصْبَهْبَذِيَّتِهِ فِي سَرِيَّةٍ، فَنَزَلَ بِابْنِ الْبُعَيْثِ، فَأَنْزَلَ لَهُ الضِّيَافَةَ عَلَى عَادَتِهَا، وَاسْتَدْعَاهُ لَهُ فِي خَاصَّتِهِ وَوُجُوهِ أَصْحَابِهِ، فَصَعِدَ فَغَذَّاهُمْ، وَسَقَاهُمُ الْخَمْرَ حَتَّى سَكِرُوا، ثُمَّ وَثَبَ عَلَى عِصْمَةَ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ، وَقَتَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُمِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُسَمِّيَ رَجُلًا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ؛ فَكَانَ يَدْعُو الرَّجُلَ بِاسْمِهِ، فَيَصْعَدُ، فَيُضْرَبُ عُنُقُهُ، حَتَّى عَلِمُوا بِذَلِكَ فَهَرَبُوا. وَسَيَّرَ عِصْمَةَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ، فَسَأَلَ الْمُعْتَصِمُ عِصْمَةَ عَنْ بِلَادِ بَابَكَ، فَأَعْلَمَهُ طُرُقَهُ وَوُجُوهَ الْقِتَالِ فِيهَا، ثُمَّ تَرَكَ عِصْمَةَ مَحْبُوسًا، فَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ الْوَاثِقِ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَفْشِينَ سَارَ إِلَى بِلَادِ بَابَكَ، فَنَزَلَ بَرْزَنْدَ، وَعَسْكَرَ بِهَا، وَضَبَطَ الطُّرُقَ وَالْحُصُونَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْدَبِيلَ، وَأَنْزَلَ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ خُشَّ، فَحَفَرَ خَنْدَقًا، وَأَنْزَلَ الْهَيْثَمَ الْغَنَوِيَّ بِرُسْتَاقَ أَرْشَقَ، فَأَصْلَحَ حِصْنَهُ، وَحَفَرَ خَنْدَقَهُ، وَأَنْزَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute