ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى طُلَيْطِلَةَ
قَدْ ذَكَرْنَا عِصْيَانَ أَهْلِ طُلَيْطِلَةَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ الْأُمَوِيِّ، صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ، وَإِنْفَاذَ الْجُيُوشِ إِلَى مُحَاصَرَتِهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَلَمَّا كَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى قَلْعَةِ رَبَاحٍ، وَبِهَا عَسْكَرٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى حَصْرِ طُلَيْطِلَةَ، وَضَيَّقُوا عَلَيْهَا، وَعَلَى أَهْلِهَا، وَقَطَعُوا عَنْهُمْ بَاقِيَ مَرَافِقِهَا، وَاشْتَدُّوا فِي مُحَاصَرَتِهِمْ، فَبَقُوا كَذَلِكَ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ.
فَسَيَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَاهُ الْوَلِيدَ بْنَ الْحَكَمِ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَرَأَى أَهْلَهَا وَقَدْ بَلَغَ بِهِمُ الْجَهْدُ كُلَّ مَبْلَغٍ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ طُولُ الْحِصَارِ، وَضَعُفُوا عَنِ الْقِتَالِ وَالدَّفْعِ، فَاقْتَحَمَهَا قَهْرًا وَعَنْوَةً يَوْمَ السَّبْتِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ، وَأَمَرَ بِتَجْدِيدِ الْقَصْرِ الَّذِي عَلَى بَابِ الْحِصْنِ الَّذِي كَانَ هُدِمَ أَيَّامَ الْحَكَمِ، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى آخِرِ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُ أَهْلِهَا وَسَكَنُوا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ.
وَفِيهَا ظَهَرَ عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ كَوْكَبٌ، فَبَقِيَ يُرَى نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَلَهُ شِبْهُ الذَّنَبِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَا طَلَعَ نَحْوَ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَكَانَ طَوِيلًا جِدًّا، فَهَالَ النَّاسَ ذَلِكَ، وَعَظُمَ عَلَيْهِمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي تَارِيخِهِ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ أَبُو زَكَرِيَّاءِ الْوُحَاظِيُّ، وَهُوَ دِمَشْقِيٌّ وَقِيلَ حِمْصِيٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute