للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّوحَ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ عَنَى بِهِ أَعْوَامَنَا، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ إِلَى أَنْ تَنَاهَى أَمْرُهُ، وَأُسْكِنَ الْجَنَّةَ، وَأُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ، غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ذَلِكَ مِنْ سِنِينِنَا قَدْرَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّهُ سَكَنَ الْجَنَّةَ لِسَاعَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ نَهَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي مِقْدَارُ الْيَوْمِ مِنْهَا أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ سِنِينِنَا، فَقَدْ قَالَ غَيْرَ الْحَقِّ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ قَوْلٌ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّهُ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ آخِرَ نَهَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُكْثَ آدَمَ كَانَ فِي الْجَنَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ، وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ مَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنِ الْعُلَمَاءِ.

ذِكْرُ الْمَوْضِعِ الَّذِي أُهْبِطَ فِيهِ آدَمُ، وَحَوَّاءُ مِنَ الْأَرْضِ

قِيلَ: ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَهْبَطَ آدَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي خَلَقَهُ فِيهِ، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، مَعَ زَوْجَتِهِ حَوَّاءَ مِنَ السَّمَاءِ.

فَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ: إِنَّهُ أُهْبِطَ بِالْهِنْدِ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ نَوْذٌ مِنْ أَرْضِ سَرَنْدِيبَ، وَحَوَّاءُ بِجُدَّةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَجَاءَ فِي طَلَبِهَا فَكَانَ كُلَّمَا وَضَعَ قَدَمَهُ بِمَوْضِعٍ صَارَ قَرْيَةً، وَمَا بَيْنَ خُطْوَتَيْهِ مَفَاوِزُ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى جَمْعًا فَازْدَلَفَتْ إِلَيْهِ حَوَّاءُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةَ، وَتَعَارَفَا بِعَرَفَاتٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عَرَفَاتٍ، وَاجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ جَمْعًا. وَأُهْبِطَتِ الْحَيَّةُ بِأَصْفَهَانَ، وَإِبْلِيسُ بِمَيْسَانَ. وَقِيلَ: أُهْبِطَ آدَمُ بِالْبَرِّيَّةِ، وَإِبْلِيسُ بِالْأُبُلَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>