للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَفْصٍ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَهُوَ بِطُمَيسٍ: أَنْ أَقْدِمْ عَلَيْنَا لِنَدْفَعَ إِلَيْكَ مَازِيَارَ وَالْخَيْلَ، وَإِلَّا فَاتَكَ، وَوَجَّهَا الْكِتَابَ إِلَيْهِ مَعَ مَنْ يَسْتَحِثُّهُ.

فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ رَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَسَارَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي لَيْلَةٍ، وَانْتَهَى إِلَى سَارِيَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ تَقَدَّمَ إِلَى خُرَّمَابَاذَ، وَهُوَ الْمَوْعِدُ بَيْنَ قُوهِيَارَ وَحَيَّانَ، وَسَمِعَ حَيَّانُ (وَقْعَ) طُبُولِ الْحَسَنِ، فَتَلَقَّاهُ عَلَى فَرْسَخٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا؟ وَلِمَ تُوَجِّهُ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ؟ وَقَدْ فَتَحْتَ جِبَالَ شُرْوِينَ وَتَرَكْتَهَا، فَمَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ يَغْدِرَ أَهْلُهَا، فَيَنْتَقِضُ جَمِيعُ مَا عَمِلْنَا؟ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُمُ الْغَدْرُ إِنْ هَمُّوا بِهِ. فَقَالَ حَيَّانُ: أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ أَثْقَالِي، وَآخُذَ أَصْحَابِي، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: سِرْ أَنْتَ، فَأَنَا بَاعِثٌ بِأَثْقَالِكَ وَأَصْحَابِكَ.

فَخَرَجَ حَيَّانُ مِنْ فَوْرِهِ، كَمَا أَمَرَهُ، وَأَتَاهُ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ أَنْ يُعَسْكِرَ بِكُورَ، وَهِيَ مِنْ جِبَالِ وَنْدَادَ هُرْمُزَ، وَهِيَ أَحْصَنُهَا، وَكَانَتْ أَمْوَالُ مَازِيَارَ بِهَا، فَأَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَا يَمْنَعَ قَارَنَ مِمَّا يُرِيدُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجِبَالِ، فَاحْتَمَلَ قَارَنَ مِمَّا كَانَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنْ أَمْوَالِ مَازِيَارَ وَسَرْخَسْتَانَ، وَانْتَقَضَ عَلَى حَيَّانَ مَا كَانَ عَمِلَهُ بِسَبَبِ شَرَهِهِ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَسِ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ حَيَّانُ، فَوَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ مَكَانَهُ عَمَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ، وَسَارَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ إِلَى خُرَّمَابَاذَ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَفْصٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الصَّقْرِ، فَشَكَرَهُمَا وَكَتَبَ إِلَى قُوهِيَارَ، فَأَتَاهُ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ، وَأَكْرَمَهُ، وَأَجَابَهُ إِلَى جَمِيعِ مَا طَلَبَ (إِلَيْهِ مِنْهُ لِنَفْسِهِ) وَتَوَاعَدُوا يَوْمًا (يَحْضُرُ مَازِيَارُ عِنْدَهُ) .

وَرَجَعَ قُوهِيَارُ إِلَى مَازِيَارَ، فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ لَهُ الْأَمَانَ، وَاسْتَوْثَقَ لَهُ. وَرَكِبَ الْحَسَنُ يَوْمَ الْمِيعَادِ (وَقْتَ الظُّهْرِ) ، وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ غِلْمَانٍ أَتْرَاكٍ، وَأَخَذَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مِهْرَانَ يَدُلُّهُ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى أُرَمَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا خَافَ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ: هَذَا مَوْضِعٌ لَا يَسْلُكُهُ إِلَّا أَلْفُ فَارِسٍ، فَصَاحَى بِهِ: امْضِ! قَالَ: فَمَضَيْتُ وَأَنَا طَائِشُ الْعَقْلِ، حَتَّى وَافَيْنَا أُرَمَ، فَقَالَ: أَيْنَ طَرِيقُ هُرْمُزَابَاذَ؟ قُلْتُ: عَلَى هَذَا الْجَبَلِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ، فَقَالَ: سِرْ إِلَيْهَا! فَقُلْتُ: اللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَفِينَا، وَفِي هَذَا الْخَلْقِ الَّذِينَ مَعَكَ، فَصَاحَ: امْضِ يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ! فَقُلْتُ: اضْرِبْ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَقْبَلَنِي مَازِيَارُ، وَيُلْزِمُنِيَ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ الذَّنْبَ، فَانْتَهَرَنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبْطِشُ بِي، فَسِرْتُ وَأَنَا خَائِفٌ فَأَتَيْنَا هُرْمُزَابَاذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>