فَالتَقَى هُوَ وَجَعْفَرٌ، فَقَاتَلَهُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ جَعْفَرٌ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَانْكَشَفَ شَرُّهُ وَأَذَاهُ عَنِ النَّاسِ.
وَقِيلَ إِنَّ جَعْفَرًا شَرِبَ سُمًّا كَانَ مَعَهُ فَمَاتَ، وَأَوْقَعَ إِيتَاخُ بِالْأَكْرَادِ، فَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهِمْ، وَاسْتَبَاحَ أَمْوَالَهُمْ، وَحَشَرَ الْأَسْرَى وَالنِّسَاءَ وَالْأَمْوَالَ إِلَى تِكْرِيتَ.
وَقِيلَ: إِنَّ إِيقَاعَ إِيتَاخَ بِجَعْفَرٍ كَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذِكْرُ غَزَاةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَنْدَلُسِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَبْدَ اللَّهِ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْبَلَنْسِيِّ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَوَصَلُوا إِلَى أُلْبَةَ، وَالْقِلَاعِ، فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ إِلَيْهِ فِي جَمْعِهِمْ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ، وَقِتَالٌ عَظِيمٌ، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَا لَا يُحْصَى، وَجُمِعَتِ الرُّؤُوسُ أَكْدَاسًا، حَتَّى كَانَ الْفَارِسُ لَا يَرَى مَنْ يُقَابِلُهُ.
وَفِيهَا خَرَجَ لِذُرَيقٍ فِي عَسْكَرِهِ، وَأَرَادَ الْغَارَةَ عَلَى مَدِينَةِ سَالِمٍ مِنَ الْأَنْدَلُسِ، فَسَارَ إِلَيْهِ فُرْتُونُ بْنُ مُوسَى فِي عَسْكَرٍ جَرَّارٍ، فَلَقِيَهُ، وَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ لِذُرَيقٍ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي عَسْكَرِهِ، وَسَارَ فَرْتُونُ إِلَى الْحِصْنِ الَّذِي كَانَ بَنَاهُ أَهْلُ أَلْبَةَ بِإِزَاءِ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَحَصَرَهُ، وَافْتَتَحَهُ وَهَدَمَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَوَلَّى جَعْفَرُ بْنُ دِينَارٍ الْيَمَنَ.
وَفِيهَا تَزَوَّجَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْأَفْشِينِ أُتْرَاجَةَ ابْنَةَ أَشْنَاسَ، وَدَخَلَ بِهَا فِي قَصْرِ الْمُعْتَصِمِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةَ، وَأَحْضَرَ عُرْسَهَا عَامَّةَ أَهْلِ سَامَرَّا، وَكَانُوا يُغَلِّفُونَ الْعَامَّةَ بِالْغَالِيَةِ، وَهِيَ فِي تِيغَارَ مِنْ فِضَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute