للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَخَلُوا مِنْ نَحْوِ بَابٍ صَغِيرٍ فِيهِ، يَدْخُلُ مِنْهُ الْمَاءُ وَتُلْقَى فِيهِ الْأَقْذَارُ، فَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ، فَوَضَعُوا السَّيْفَ فِي الرُّومِ، وَفَتَحُوا الْأَبْوَابَ.

وَجَاءَ الْعَبَّاسُ فِي بَاقِي الْعَسْكَرِ، فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَصَلَّوُا الصُّبْحَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُنْتَصَفَ شَوَّالَ، وَبَنَى فِيهَا فِي الْحَالِ مَسْجِدًا، وَنَصَبَ فِيهِ مِنْبَرًا، وَخَطَبَ فِيهِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَقَتَلَ مَنْ وَجَدَ فِيهَا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَخَذُوا مَا فِيهَا مِنْ بَنَاتِ الْبَطَارِقَةِ بِحُلِيِّهِنَّ، وَأَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، وَأَصَابُوا فِيهَا مَا يَعْجِزُ الْوَصْفُ عَنْهُ، وَذَلَّ الشِّرْكُ يَوْمَئِذٍ بِصِقِلِّيَّةَ ذُلًّا عَظِيمًا.

وَلَمَّا سَمِعَ الرُّومُ بِذَلِكَ أَرْسَلَ مَلِكُهُمْ بِطْرِيقًا مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي ثَلَاثمِائَةِ شَلَنْدِيٍّ وَعَسْكَرٍ كَثِيرٍ، فَوَصَلُوا إِلَى سَرْقُوسَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَقِيَ الرُّومَ وَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَهُمْ، فَرَكِبُوا فِي مَرَاكِبِهِمْ هَارِبِينَ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ مِائَةَ شَلَنْدِيٍّ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَلَمْ يُصَبْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ الْيَوْمَ غَيْرُ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ بِالنَّشَّابِ.

وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ نَكَثَ كَثِيرٌ مِنْ قِلَاعِ صِقِلِّيَّةَ وَهِيَ: سَطْرُ، وَابِلًا، وابلاطنوا، وَقَلْعَةُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَقَلْعَةُ الْبَلُّوطِ، وَقَلْعَةُ أَبِي ثَوْرٍ، وَغَيْرُهَا مِنِ الْقِلَاعِ، فَخَرَجَ الْعَبَّاسُ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ عَسَاكِرُ الرُّومِ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ.

وَسَارَ إِلَى قَلْعَةِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ وَقَلْعَةِ ابلاطنوا، فَحَصَرَهَا، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ (بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ عَسَاكِرِ الرُّومِ قَدْ وَصَلَتْ) ، فَرَحَلَ إِلَيْهِمْ، فَالْتَقَوْا بجفلودي، وَجَرَى بَيْنَهُمْ قِتَالٌ شَدِيدٌ، فَانْهَزَمَتِ الرُّومُ، وَعَادُوا إِلَى سَرْقُوسَةَ، وَعَادَ الْعَبَّاسُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَعَمَّرَ قَصْرُيَانَه، وَحَصَّنَهَا، وَشَحَنَهَا بِالْعَسَاكِرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>