انْصَرَفُوا، فَلَقِيَتْهُمْ مَرَاكِبُ مُحَمَّدٍ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَأَحْرَقُوا مَرْكِبَيْنِ مِنْ مَرَاكِبِ الْكُفَّارِ، وَأَخَذُوا مَرْكِبَيْنِ آخَرَيْنِ، فَغَنِمُوا مَا فِيهِمَا، فَحَمِيَ الْكَفَرَةُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَجَدُّوا فِي الْقِتَالِ، فَاسْتَشْهَدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَضَتْ مَرَاكِبُ الْمَجُوسِ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى مَدِينَةِ بَنْبَلُونَةَ، فَأَصَابُوا صَاحِبَهَا غَرْسِيةَ الْفِرِنْجِيَّ، فَافْتَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِتِسْعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَفِيهَا غَزَا عَامِلُ طَرَسُونَةَ إِلَى بَنْبَلُونَةَ، فَافْتَتَحَ حِصْنَ بَيْلَسَانَ وَسَبَى أَهْلَهُ، ثُمَّ كَانَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَقْعَةٌ اسْتُشْهِدَ فِيهَا جَمَاعَةٌ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْبَرْبَرِ وَابْنِ الْأَغْلَبِ بِإِفْرِيقِيَّةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ بَيْنَ الْبَرْبَرِ وَعَسْكَرِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَغْلَبِ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
وَسَبَبُهَا أَنَّ بَرْبَرَ لَهَانَ امْتَنَعُوا عَلَى عَامِلِ طَرَابُلُسَ مِنْ أَدَاءِ عُشُورِهِمْ وَصَدَقَاتِهِمْ، وَحَارَبُوهُ، فَهَزَمُوهُ، فَقَصَدَ لُبْدَةَ، فَحَصَّنَهَا، وَسَارَ إِلَى طَرَابُلُسَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ جَيْشًا مَعَ أَخِيهِ زِيَادَةِ اللَّهِ، فَانْهَزَمَ الْبَرْبَرُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَسَيَّرَ زِيَادَةُ اللَّهِ الْخَيْلَ فِي آثَارِهِمْ، فَقَتَلَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ، وَأَسَرَ جَمَاعَةً، فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَأُحْرِقَ مَا كَانَ فِي عَسْكَرِهِمْ، فَأَذْعَنَ الْبَرْبَرُ بَعْدَهَا، وَأَعْطُوا الرَّهْنَ، وَأَدُّوا طَاعَتَهُمْ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
(فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السِّكِّيتِ، وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ اتَّصَلَ بِالْمُتَوَكِّلِ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ الْمُعْتَزُّ وَالْمُؤَيَّدُ، أَوِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ؟ فَتَنَقَّصَ ابْنَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، بِمَا هُمَا أَهْلٌ لَهُ، فَأَمَرَ الْأَتْرَاكَ فَدَاسُوا بَطْنَهُ، فَحُمِلَ إِلَى دَارِهِ، فَمَاتَ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute