للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْتَ السَّفِينَةَ لَمْ تَأْتِنَا ... وَغَرَّقَهَا اللَّهُ وَالرَّاكِبِينَا

وَأَقْبَلَتِ التُّرْكُ وَالْمُغْرِبُونَ ... وَجَاءَ الْفَرَاغِنَةُ الدَّارِعُونَا

تَسِيرُ كَرَادِيسُهُمْ فِي السِّلَاحِ ... يَرْجُونَ خَيْلًا وَرَجْلًا بَنِينَا

فَقَامَ بِحَرْبِهِمِ عَالِمٌ بِأَمْرِ ... الْحُرُوبِ تَوَلَّاهُ حِينَا

فَجَدَّدَ سُورًا عَلَى الْجَانِبَيْنِ ... حَتَّى أَحَاطَهُمُ أَجْمَعِينَا

وَأَحْكَمَ أَبْوَابَهَا الْمُصْمَتَاتِ ... عَلَى السُّورِ يَحْمِي بِهَا الْمُسْتَعِينَا

وَهَيَّا

مَجَانِيقَ خَطَّارَةً

تُفِيتُ النُّفُوسَ، وَتَحْمِي الْعَرِينَا

وَمَنَعَ الْأَتْرَاكُ النَّاسَ مِنَ الِانْحِدَارِ إِلَى بَغْدَادَ، وَأَخَذُوا مَلَّاحًا قَدْ أَكْرَى سَفِينَتَهُ، فَضَرَبُوهُ، وَصَلَبُوهُ عَلَى دَقْلِهَا، فَامْتَنَعَ أَصْحَابُ السُّفُنِ مِنَ الِانْحِدَارِ إِلَّا سِرًّا.

وَكَانَ وُصُولُ الْمُسْتَعِينِ إِلَى بَغْدَادَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَنَزَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فِي دَارِهِ، ثُمَّ وَافَى بَغْدَادَ الْقُوَّادُ، سِوَى جَعْفَرٍ الْخَيَّاطِ، وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ، وَقَدِمَهَا جُلَّةُ الْكُتَّابِ وَالْعُمَّالِ وَبَنِي هَاشِمٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ بُغَا وَوَصِيفٍ.

ذِكْرُ الْبَيْعَةِ لِلْمُعْتَزِّ بِاللَّهِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بُويِعَ الْمُعْتَزُّ بِاللَّهِ، وَكَانَ سَبَبُ الْبَيْعَةِ لَهُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَرَّ الْمُسْتَعِينُ بِبَغْدَاذَ أَتَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِ الْأَتْرَاكِ الْمِشْغَبِينَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَأَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَجَعَلُوا مَنَاطِقَهُمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ تَذَلُّلًا وَخُضُوعًا، وَسَأَلُوهُ الصَّفْحَ عَنْهُمْ وَالرِّضَا.

قَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ أَهْلُ بَغِيٍ وَفَسَادٍ، وَاسْتِقْلَالٍ لِلنِّعَمِ، أَلَمْ تَرْفَعُوا إِلَيَّ فِي أَوْلَادِكُمْ فَأُلْحِقَهُمْ بِكُمْ، وَهُمْ نَحْوًا مِنْ أَلْفَيْ غُلَامٍ، وَفِي بَنَاتِكُمْ، فَأَمَرْتُ بِتَصْيِيرِهِنَّ فِي عِدَادِ الْمُتَزَوِّجَاتِ، وَهُنَّ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَجَبْتُكُمْ إِلَيْهِ، وَأَدْرَرْتُ عَلَيْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>