وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَمِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَافَرَكُونَاتٍ وَفَرَّقَهَا عَلَى الْعَيَّارِينَ، فَخَرَجُوا بِهَا إِلَى أَبْوَابِ بَغْدَادَ، وَقَتَلُوا مِنَ الْأَتْرَاكِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا.
وَلِأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ مُزَاحِمُ بْنُ خَاقَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَّةِ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ وَمَعَهُ زُهَاءَ أَلْفِ رَجُلٍ، فَلَمَّا وَصَلَ خَلَعَ عَلَيْهِ سَبْعَ خِلَعٍ، وَقَلَّدَهُ سَيْفًا.
وَوَجَّهَ الْمُعْتَزُّ عَسْكَرًا يَبْلُغُونَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَعَسْكَرُوا بِإِزَاءِ عَسْكَرِ أَبِي أَحْمَدَ بِبَابِ قُطْرَبُّلَ، وَرَكِبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي عَسْكَرِهِ، وَخَرَجَ مِنَ النَّظَّارَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَحَاذَى عَسْكَرَ أَبِي أَحْمَدَ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الْمَاءِ جَوْلَةٌ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي أَحْمَدَ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا، وَمَضَى النَّظَّارَةُ فَجَازُوا الْعَسْكَرَ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ، فَعَبَرَتْ إِلَيْهِمْ سُفُنٌ لِأَبِي أَحْمَدَ، فَنَالَتْ مِنْهُمْ، وَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَمَرَ ابْنَ أَبِي عَوْنٍ بِرَدِّ النَّاسِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ، فَأَغْلَظُوا لَهُ، فَشَتَمَهُمْ وَشَتَمُوهُ، وَضَرَبَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَقَتَلَهُ، فَحَمَلَتْ عَلَيْهِ الْعَامَّةُ، فَانْكَشَفَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، فَأَخَذَ أَصْحَابُ أَبِي أَحْمَدَ أَرْبَعَ سَفَائِنَ، وَأَحْرَقُوا سَفِينَةً فِيهَا عَرَّادَةٌ لِأَهْلِ بَغْدَادَ.
وَسَارَ الْعَامَّةُ إِلَى دَارِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ لِيَنْهَبُوهَا، وَقَالُوا مَايَلَ الْأَتْرَاكَ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَكَلَّمُوا مُحَمَّدًا فِي صَرْفِهِ، فَصَرَفَهُ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ.
وَلِإِحْدَى عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَ عَسْكَرُ الْمُعْتَزِّ الَّذِي سَيَّرَهُ إِلَى مُقَابِلِ عَسْكَرِ أَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ عِنْدَ عُكْبَرَا، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمُ ابْنُ طَاهِرٍ عَسْكَرًا، فَمَضَوْا حَتَّى بَلَغُوا قُطْرَبُّلَ وَبِهَا كَمِينُ الْأَتْرَاكِ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ، وَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَقُتِلَ بَيْنَهُمْ جَمَاعَةٌ، وَانْدَفَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ قَلِيلًا إِلَى بَابِ قُطْرَبُّلَ، وَالْأَتْرَاكُ مَعَهُمْ، فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ، فَدَفَعُوا الْأَتْرَاكَ حَتَّى نَحُّوهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى أَهْلِ بَغْدَادَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَقُتِلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ أَيْضًا خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ تَقَدَّمَ الْأَتْرَاكُ إِلَى بَابِ الْقَطِيعَةِ، فَنَقَبُوا السُّورَ، فَقَتَلَ أَهْلُ بَغْدَادَ (أَوَّلَ خَارِجٍ مِنْهُ) ، وَكَانَ الْقَتْلُ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَكْثَرُهُ فِي الْأَتْرَاكِ، وَالْجِرَاحُ بِالسِّهَامِ فِي أَهْلِ بَغْدَادَ.
وَنَدَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ النَّاسَ، فَخَرَجُوا مَعَهُ، وَأَمَرَ الْمُوَكَّلَ بِبَابِ قُطْرَبُّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute