مَنْصُورُ، فَظَنُّوهُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ، فَقَتَلُوهُ.
وَتَقَدَّمَ الْأَتْرَاكُ، فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، إِلَى بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، فَرُمِيَ الدَّرْغَمَانُ، مُقَدِّمُ الْمَغَارِبَةِ، بِحَجَرِ مَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ شُجَاعًا، وَكَانَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ يَجِيءُ فَيَكْشِفُ إِسْتَهُ، وَيَصِيحُ، وَيَضْرِطُ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَرَمَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِسَهْمٍ فِي دُبُرِهِ، فَجُرِحَ مِنْ خَلْفِهِ، فَخَرَّ مَيِّتًا.
وَاجْتَمَعَتِ الْعَامَّةُ بِسَامَرَّا وَنَهَبُوا سُوقَيِ الْجَوْهَرِيِّينَ وَالصَّيَارِفَةِ وَغَيْرَهُمَا، فَشَكَا التُّجَّارُ ذَلِكَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْمُؤَيَّدِ، فَقَالَ لَهُمْ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَوِّلُوا مَتَاعَكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، وَلَا أُنْكِرُ ذَلِكَ.
وَقَدِمَ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الثُّغُورِ يَشْكُونَ بَلْكَاجُورَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ بَيْعَةَ الْمُعْتَزِّ وَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ، وَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ، فَمَنِ امْتَنَعَ ضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ، وَأَنَّهُمُ امْتَنَعُوا وَهَرَبُوا، فَقَالَ وَصِيفٌ: مَا أَظُنُّهُ إِلَّا ظَنَّ أَنَّ الْمُسْتَعِينَ مَاتَ، وَقَامَ الْمُعْتَزُّ، فَقَالُوا: مَا فَعَلَهُ إِلَّا عَنْ عَمْدٍ، فَوَرَدَ كِتَابُ بَلْكَاجُورَ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرَ، يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ بَايَعَ الْمُعْتَزَّ، فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُ الْمُسْتَعِينِ بِصِحَّةِ الْأَمْرِ جَدَّدَ لَهُ الْبَيْعَةَ، وَأَنَّهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَأَرَادَ مُوسَى بْنُ بُغَا أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْمُسْتَعِينِ، فَامْتَنَعَ أَصْحَابُهُ الْأَتْرَاكُ مِنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَحَارَبُوهُ، فَقَتَلَ بَيْنَهُمْ قَتْلَى.
وَقَدِمَ مِنَ الْبَصْرَةِ عَشْرُ سَفَائِنَ بَحَرِيَّةٍ، فِي كُلِّ سَفِينَةٍ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا مَا بَيْنَ نَفَّاطٍ وَغَيْرِهِ، فَمَرَّتْ إِلَى نَاحِيَةِ الشَّمَّاسِيَّةِ، فَرَمَى مَنْ فِيهَا بِالنِّيرَانِ إِلَى عَسْكَرِ أَبِي أَحْمَدَ، فَانْتَقَلُوا إِلَى مَوْضِعٍ لَا يَنَالُهُمْ شَيْءٌ مِنَ النَّارِ.
وَلِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرَ تَقَدَّمَ الْأَتْرَاكُ إِلَى أَبْوَابِ بَغْدَادَ، فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَدَامَ الْقِتَالُ إِلَى الْعَصْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute