عَلَى كُلِّ قَائِدٍ أَرْبَعَ خِلَعٍ، وَطَوْقًا وَسُوَارًا، مِنْ ذَهَبٍ.
وَكَانَ عَوْدُ أَهْلِ بَغْدَادَ عَنْهُمْ مَعَ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ أَكْثَرُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِلْعَيَّارِينَ.
وَرَكِبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرَ إِلَى الشَّمَّاسِيَّةِ، فَأَمَرَ بِهَدْمِ مَا وَرَاءِ سُورِهَا مِنَ الدُّورِ، وَالْحَوَانِيتِ، وَالْبَسَاتِينِ، مِنْ بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ، لِيَتَّسِعَ عَلَى مَنْ يُحَارِبُ.
وَقَدِمَ مَالٌ مِنْ فَارِسٍ وَالْأَهْوَازِ مَعَ منكجورَ الْأَشْرُوسَنِيِّ، فَوَجَّهَ أَبُو أَحْمَدَ الْأَتْرَاكَ لِأَخْذِهِ، فَوَجَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ جَمَاعَةً لِحِفْظِ الْمَالِ، فَعَدَلُوا بِهِ عَنِ الْأَتْرَاكِ، فَقَدِمُوا بِهِ بَغْدَادَ، فَلَمَّا عَلِمَ الْأَتْرَاكُ بِذَلِكَ عَدَلُوا نَحْوَ النَّهْرَوَانِ، فَقَتَلُوا وَأَحْرَقُوا سُفُنَ الْجِسْرِ، وَهِيَ عِشْرُونَ سَفِينَةً، وَرَجَعُوا إِلَى سَامَرَّا.
وَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مَزِيدٍ، وَكَانَ الْمُسْتَعِينُ قَلَّدَهُ إِمْرَةَ الثُّغُورِ الْجَزَرِيَّةِ، كَانَ بِمَدِينَةِ بَلَدَ يَنْتَظِرُ الْجُنُودَ وَالْمَالَ لِيَسِيرَ إِلَى الثُّغُورِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْتَعِينِ وَالْأَتْرَاكِ مَا ذَكَرْنَا، سَارَ مِنْ بَلَدَ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى طَرِيقِ الرِّقَّةِ فِي أَصْحَابِهِ وَخَاصَّتِهِ، وَهُمْ زُهَاءَ أَرْبَعِ مِائَةٍ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَمْسَ خِلَعٍ، ثُمَّ وَجَّهَهُ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ لِمُحَارَبَةِ أَيُّوبَ بْنِ أَحْمَدَ، فَأُخِذَ عَلَى طَرِيقِ الْفُرَاتِ، فَحَارَبَهُ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، فَهَزَمَ مُحَمَّدٌ وَصَارَ إِلَى ضَيْعَتِهِ بِالسَّوَادِ، فَلَمَّا سَمِعَ مُحَمَّدٌ بِهَزِيمَتِهِ قَالَ: لَا يُفْلِحُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ نَبِيٌّ يَنْصُرُهُ اللَّهُ بِهِ.
وَكَانَتْ لِلْأَتْرَاكِ وَقْعَةٌ بِبَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، فَقَاتَلُوا عَلَيْهِ قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى كَشَفُوا مَنْ عَلَيْهِ وَرَمَوْا (بِهِ) الْمَنْجَنِيقَ بِالنَّارِ وَالنِّفْطِ، فَلَمْ يَحْرِقْهُ، ثُمَّ كَثُرَ الْجُنْدُ عَلَى الْبَابِ، فَأَزَالَهُمْ عَنْ مَوْقِفِهِمْ بَعْدَ قَتْلَى وَجَرْحَى، وَوَجَّهَ مُحَمَّدٌ الْعَرَّادَاتِ فِي السُّفُنِ فَرَمَوْهُمْ بِهَا رَمْيًا شَدِيدًا، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ نَحْوَ مِائَةٍ، وَكَانَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ قَدْ صَارَ إِلَى السُّورِ، فَرَمَى بِكَلَّابٍ، فَتَعَلَّقَ بِهِ، فَأَخَذَهُ الْمُوَكَّلُونَ بِالسُّورِ وَرَفَعُوهُ فَقَتَلُوهُ، وَأَلْقَوْا رَأْسَهُ إِلَى الْأَتْرَاكِ، فَرَجَعُوا إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ.
وَأَرَادَ بَعْضُ الْمُوَكَّلِينَ بِالسُّورِ أَنْ يَصِيحَ: يَا مُسْتَعِينُ، يَا مَنْصُورُ، فَصَاحَ: يَا مُعْتَزُّ، يَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute