دَنَوْا، وَضَرَبُوا مَضَارِبَهُمْ بِرِقَّةِ الشَّمَّاسِيَّةِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: لَا تَبْدَأُوهُمْ بِقِتَالٍ، وَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ، وَادْفَعُوا الْيَوْمَ، فَوَافَى بَابَ الشَّمَّاسِيَّةِ مِنْهُمُ اثْنَا عَشَرَ فَارِسًا فَرَمَوْا بِالسِّهَامِ، وَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ أَحَدٌ، فَلَمَّا طَالَ مُقَامُهُمْ رَمَاهُمُ الْمَنْجَنِيقِيُّ بِحَجَرٍ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَأَخَذُوهُ، وَرَجَعُوا.
وَقَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ خَلِيفَةُ وَصِيفٍ التُّرْكِيِّ مِنْ مَكَّةَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَوَافَى الْأَتْرَاكُ فِي هَذَا الْيَوْمِ بَابَ الشَّمَّاسِيَّةِ، فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْقُوَّادِ لِمُحَارَبَتِهِمْ، فَاقْتَتَلُوا وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَجُرِحَ، وَكَانُوا فِي الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى عَلَى السَّوَاءِ، وَانْهَزَمَ أَهْلُ بَغْدَادَ، وَثَبَتَ أَصْحَابُ الْبَوَارِي ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَأَحْضَرَ الْأَتْرَاكُ مَنْجَنِيقًا، فَغَلَبَهُمْ عَلَيْهِ الْعَامَّةُ، فَأَخَذُوهُ.
ثُمَّ سَارَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ إِلَى نَاحِيَةِ النَّهْرَوَانِ، فَوَجَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَائِدَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي جَمَاعَةٍ، وَأَمَرَهُمَا بِالْمُقَامِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَحِفْظِهَا مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ إِلَى بَغْدَادَ، وَأُخِذَتْ دَوَابُّهُمْ، فَدَخَلُوا بَغْدَادَ مُنْهَزِمِينَ، وَوَجَّهَ الْأَتْرَاكُ بِرُؤُوسِ الْقَتْلَى إِلَى سَامَرَّا، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى طَرِيقِ خُرَاسَانَ، وَانْقَطَعَ الطَّرِيقُ عَنْ بَغْدَادَ.
وَوَجَّهَ الْمُعْتَزُّ عَسْكَرًا فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فَسَارُوا إِلَى بَغْدَادَ، وَجَاوَزُوا قُطْرَبُّلَ، فَضَرَبُوا عَسْكَرَهُمْ هُنَاكَ، وَذَلِكَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ صَفَرَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَجَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَسْكَرًا إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمُ الشَّاهُ بْنُ مِيكَالَ، فَتَحَارَبُوا، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْمُعْتَزِّ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ كَمِينٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَانْهَزَمُوا وَوَضَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَقَتَلُوهُمْ أَكْثَرَ قَتْلٍ، وَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَنَهَبَ عَسْكَرَهُمْ جَمِيعَهُ، وَمَنْ سَلِمَ مِنَ الْقَتْلِ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي دِجْلَةَ لِيَعْبُرَ إِلَى عَسْكَرِ أَبِي أَحْمَدَ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ السُّفُنِ، وَحَمَلُوا الْأَسْرَى وَالرُّؤُوسَ فِي الزَّوَارِيقِ، فَنَصَبَ بَعْضَهَا بِبَغْدَاذَ.
وَأَمَرَ مُحَمَّدٌ لِمَنْ أَبْلَى فِي هَذَا الْيَوْمِ بِالْأَسْوِرَةِ، وَالْخِلَعِ، وَالْأَمْوَالِ، وَطُلِبَتِ الْمُنْهَزِمَةُ، فَبَلَغَ بَعْضُهُمْ أَوَانًا، وَبَعْضُهُمْ بَلَغَ سَامَرَّا، وَكَانَ عَسْكَرُ الْمُعْتَزِّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَقُتِلَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ، وَغَرِقَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ، فَخَلَعَ مُحَمَّدٌ عَلَى جَمِيعِ الْقُوَّادِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute