للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَتْرَاكِ وَالْفَرَاغِنَةِ، وَأَلْفَيْنِ مِنَ الْمَغَارِبَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ عُكْبَرَا صَلَّى بِهَا، وَخُطِبَ لِلْمُعْتَزِّ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُعْتَزِّ، فَذَكَرَ أَهْلُ عُكْبَرَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنْ مَسِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، وَمُحَارَبَتِهِمْ، فَانْتَهَبُوا الْقُرَى مَا بَيْنَ عُكْبَرَا وبَغْدَادَ، فَخَرِبَتِ الضِّيَاعُ، وَأَخَذَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ.

وَلَمَّا وَصَلَ أَبُو أَحْمَدَ إِلَى عُكْبَرَا هَرَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ أَصْحَابِ بُغَا الصَّغِيرِ، وَوَصَلَ أَبُو أَحْمَدَ وَعَسْكَرُهُ بَابَ الشَّمَّاسِيَّةِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرَ، فَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ، يُعْرَفُ بِبَاذِنْجَانَةَ:

يَا بَنِي طَاهِرٍ أَتَتْكُمْ جُنُودُ اللَّهِ وَالْمَوْتُ بَيْنَهَا مَشْهُورُ ... وَجُيُوشُ إِمَامِهِمْ أَبُو أَحْمَدَ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنَعِمَ النَّصِيرُ

وَلَمَّا نَزَلَ أَبُو أَحْمَدَ بِبَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ وَلَّى الْمُسْتَعِينُ بَابَ الشَّمَّاسِيَّةِ الْحُسَيْنَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَجَعَلَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْقُوَّادِ تَحْتَ يَدِهِ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ مُدَّةَ الْحَرْبِ إِلَى أَنْ سَارُوا إِلَى الْأَنْبَارِ، فَلَمَّا كَانَ عَاشِرُ صَفَرَ وَافَتْ طَلَائِعُ الْأَتْرَاكِ إِلَى بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، فَوَقَفُوا بِالْقُرْبِ مِنْهُ، فَوَجَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَالشَّاهَ بْنَ مِيكَالَ، وَبُنْدَارَ الطَّبَرِيَّ، فِيمَنْ مَعَهُمْ، وَعَزَمَ عَلَى الرُّكُوبِ لِقِتَالِهِمْ، فَأَتَاهُ الشَّاهُ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْأَتْرَاكَ لَمَّا عَايَنُوا الْأَعْلَامَ وَالرَّايَاتِ قَدْ أَقْبَلَتْ نَحْوَهُمْ رَجَعُوا إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ، فَتَرَكَ مُحَمَّدٌ الرُّكُوبَ.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ عَزَمَ مُحَمَّدٌ عَلَى تَوْجِيهِ الْجُيُوشِ إِلَى الْقَفَصِ لِيَعْرِضَهُمْ هُنَاكَ، وَلِيُرْهِبَ الْأَتْرَاكَ، وَرَكِبَ وَمَعَهُ وَصِيفٌ وَبُغَا فِي الدُّرُوعِ، وَمَضَى مَعَهُ الْفُقَهَاءُ وَالْقُضَاةُ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الرُّجُوعِ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الطُّغْيَانِ وَالْعِصْيَانِ، وَيَبْذُلُ لَهُمُ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَزُّ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ الْمُسْتَعِينِ، فَلَمْ يُجِيبُوا، وَمَضَى نَحْوَ بَابِ قُطْرَبُّلَ، فَنَزَلَ عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ هُوَ وَوَصِيفٌ وَبُغَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّقَدُّمُ لِكَثْرَةِ النَّاسِ فَانْصَرَفَ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ رُسُلُ وَجْهِ الْفُلْسِ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُوَّادِ، يُعْلِمُونَهُ أَنَّ التُّرْكَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>