وَجَرَى بَيْنَ أَبِي السَّاجِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ (وَقْعَةٌ، فَهَزَمَهُمْ أَبُو السَّاجِ، ثُمَّ وَاقَعُوهُ أُخْرَى، فَتَخَلَّى عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَانْهَزَمَ، وَدَخَلَ الْأَتْرَاكُ الْمَدَائِنَ، وَخَرَجَتِ الْأَتْرَاكُ) الَّذِينَ بِالْأَنْبَارِ فِي سَوَادِ بَغْدَادَ مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، حَتَّى بَلَغُوا صَرْصَرَ وَقَصْرَ ابْنِ هُبَيْرَةَ.
وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ، خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فِي جَمِيعِ الْقُوَّادِ وَالْعَسْكَرِ، وَنُصِبَ لَهُ قُبَّةٌ وَجَلَسَ فِيهَا، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَتِ الْأَتْرَاكُ وَدَخَلَ أَهْلُ بَغْدَادَ عَسْكَرَهُمْ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَهَرَبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ، فَكُلَّمَا جِيءَ بِرَأْسٍ يَقُولُ بُغَا: ذَهَبَتِ الْمَوَالِي، وَسَاءَ ذَلِكَ مَنْ مَعَ بُغَا وَوَصِيفٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ.
وَوَقَفَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ يَرُدُّ الْأَتْرَاكَ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَرْجِعُوا لَمْ يُبْقِ لَهُمْ بَقِيَّةً، وَتَبِعَهُمْ أَهْلُ بَغْدَادَ إِلَى سَامَرَّا، فَتَرَاجَعُوا إِلَيْهِ، وَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ بَغْدَادَ رَجَعُوا عَنِ الْمُنْهَزِمِينَ، فَرَأَى أَصْحَابُهُمْ أَعْلَامَهُمْ، فَظَنُّوهَا أَعْلَامَ الْأَتْرَاكِ قَدْ عَادَتْ، فَانْهَزَمُوا نَحْوَ بَغْدَادَ مُزْدَحِمِينَ، وَتَرَاجَعَ الْأَتْرَاكُ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا بِهَزِيمَةِ أَهْلِ بَغْدَادَ، فَتَحَمَّلُوا عَلَيْهِمْ.
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ وَجَّهَ أَبُو أَحْمَدَ خَمْسَ سَفَائِنَ مَمْلُوءَةٍ طَعَامًا وَدَقِيقًا إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ.
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ عَلِمَ النَّاسُ بِمَا عَلَيْهِ ابْنُ طَاهِرٍ مِنْ خَلْعِ الْمُسْتَعِينِ وَالْبَيْعَةِ لِلْمُعْتَزِّ، وَوَجَّهَ قُوَّادَهُ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ، فَبَايَعُوهُ لِلْمُعْتَزِّ، وَكَانَتِ الْعَامَّةُ تَظُنُّ أَنَّ الصُّلْحَ جَرَى عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَعِينُ وَالْمُعْتَزَّ وَلِيُّ عَهْدِهِ.
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ أَيْضًا خَرَجَ رَشِيدُ بْنُ كَاوُسَ أَخُو الْأَفْشِينِ، وَكَانَ مُوكَلًا بِبَابِ السَّلَامَةِ، إِلَى الْأَتْرَاكِ، وَسَارَ مَعَهُمْ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى أَبْوَابِ بَغْدَادَ يَقُولُ لِلنَّاسِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَزَّ، وَأَبَا أَحْمَدَ يَقْرَآنِ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَيَقُولَانِ: مَنْ أَطَاعَنَا وَصَلْنَاهُ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute