للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْتَرِعَهَا، فَلَقُوا مِنْ ذَلِكَ بَلَاءً وَجَهْدًا وَذُلًّا، وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى زُوِّجَتِ الشَّمُوسُ، وَهِيَ عَفِيرَةُ بِنْتُ عَبَّادٍ أُخْتُ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَرَادُوا حَمْلَهَا إِلَى زَوْجِهَا انْطَلَقُوا بِهَا إِلَى عِمْلِيقْ لِيَنَالَهَا قَبْلَهُ، وَمَعَهَا الْفِتْيَانُ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ افْتَرَعَهَا وَخَلَّى سَبِيلَهَا، فَخَرَجَتْ إِلَى قَوْمِهَا فِي دِمَائِهَا وَقَدْ شَقَّتْ دِرْعَهَا مِنْ قُبُلٍ وَدُبُرٍ وَالدَّمُ يَبِينُ وَهِيَ فِي أَقْبَحِ مَنْظَرٍ تَقُولُ:

لَا أَحَدَ أَذَلُّ مِنْ جَدِيسِ ... أَهَكَذَا يُفْعَلُ بِالْعَرُوسِ

يَرْضَى بِذَا يَا قَوْمِ بَعْلٌ حُرُّ ... أَهْدَى وَقَدْ أَعْطَى وَسِيقَ الْمَهْرُ

وَقَالَتْ أَيْضًا لِتُحَرِّضَ قَوْمَهَا:

أَيَجْمُلُ مَا يُؤْتَى إِلَى فَتَيَاتِكُمْ ... وَأَنْتُمْ رِجَالٌ فِيكُمُ عَدَدُ النَّمْلِ

وَتُصْبِحُ تَمْشِي فِي الدِّمَاءِ عَفِيرَةٌ جَهَارًا ... وَزُفَّتْ فِي النِّسَاءِ إِلَى بَعْلِ

وَلَوْ أَنَّنَا كُنَّا رِجَالًا وَكُنْتُمُ ... نِسَاءً لَكُنَّا لَا نُقِرُّ بِذَا الْفِعْلِ

فَمُوتُوا كِرَامًا أَوْ أَمِيتُوا عَدُوَّكُمْ ... وَدِبُّوا لِنَارِ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ

وَإِلَّا فَخَلُّوا بَطْنَهَا وَتَحَمَّلُوا ... إِلَى بَلَدٍ قَفْرٍ وَمُوتُوا مِنَ الْهَزْلِ

فَلَلْبَيْنُ خَيْرٌ مِنْ مُقَامٍ عَلَى الْأَذَى ... وَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ مُقَامٍ عَلَى الذُّلِّ

وَإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تَغْضَبُوا بَعْدَ هَذِهِ فَكُونُوا ... نِسَاءً لَا تُعَابُ مِنَ الْكُحْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>