فَغَنَّتِ الْجَارِيَةُ، فَغَضِبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ لَهَا بَلْ غَنِّي:
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ لَا تَأْخُذُونَهَا ... مُرَاغَمَةً مَا دَامَ لِلسَّيْفِ قَائِمُ
وَلَا صُلْحَ حَتَّى تُقْرَعَ الْبِيضُ بِالْقَنَا ... وَيُضْرَبُ بِالْبَيْضِ الْخِفَافِ الْجَمَاجِمُ
وَافْتَرَقَا وَقَدْ حَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَعَادَ الْحَبَّابُ التَّوْكِيلَ بِالْقَرْيَتَيْنِ، فَجَمَعَ مُحَمَّدٌ جَمْعًا، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ فِي الصُّلْحِ، وَأَجَابَا إِلَى ذَلِكَ، وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ جَمْعَهُ، فَأَبْلَغَ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْحَبَّابَ قَالَ: لَوْ كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ أَرْبَعَةٌ لَمَا أَجَابَ إِلَى الصُّلْحِ، فَغَضِبَ لِذَلِكَ، وَجَمَعَ جَمْعًا كَثِيرًا، (وَسَارَ مُبَادِرًا) إِلَى الْحَبَّابِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْحَبَّابُ غَيْرَ مُسْتَعِدٍّ، فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ الْحَبَّابُ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ وَجَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِيهَا نُفِيَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ إِلَى الْبَصْرَةِ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى بَغْدَادَ، فَأُنْزِلَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِقَصْرِ دِينَارَ، وَنُفِيَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ الْمُعْتَصِمِ إِلَى وَاسِطَ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى بَغْدَادَ.
وَفِيهَا مَاتَ مُزَاحِمُ بْنُ خَاقَانَ بِمِصْرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانِ الزَّيْنَبِيُّ.
وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ، فَانْهَزَمَ، وَأُسِرَ.
وَفِيهَا التَقَى مُوسَى بْنُ بُغَا وَالْكَوَكْبِيُّ الْعَلَوِيُّ (عِنْدَ قَزْوِينَ) ، فَانْهَزَمَ الْكَوَكْبِيُّ وَلَحِقَ بِالدَّيْلَمِ، وَكَانَ سَبَبُ الْهَزِيمَةِ أَنَّهُمْ لَمَّا اصْطَفُوا لِلْقِتَالِ جَعَلَ أَصْحَابُ الْكَوَكِبِيِّ تُرُوسَهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ، فَيَتَّقُونَ بِهَا سِهَامَ أَصْحَابِ مُوسَى، فَلَمَّا رَأَى مُوسَى أَنَّ سِهَامَ أَصْحَابِهِ لَا تَصِلُ إِلَيْهِمْ مَعَ فِعْلِهِمْ، أَمَرَ بِمَا مَعَهُ مِنَ النِّفْطِ أَنْ يُصَبَّ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالِاسْتِطْرَادِ لَهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَظَنَّ الْكَوَكْبِيُّ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُمْ قَدْ انْهَزَمُوا، فَتَبِعَهُمْ، فَلَمَّا تَوَسَّطُوا النِّفْطَ أَمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute