وَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، (وَنَهَبُوا الْأَعْمَالَ فَأَسْرَفُوا) .
وَجَمَعَ سَلِيمَانُ لَهُمْ بِالْمَوْصِلِ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَعَبَرَ الزَّابَ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ، (وَقُتِلَ فِيهَا كَثِيرٌ) ، وَكَانَ الظَّفَرُ لِسُلَيْمَانَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ بِبَابِ شَمْعُونَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَأَدْخَلَ مِنْ رُؤُوسِهِمْ إِلَى الْمَوْصِلِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ رَأْسٍ، فَقَالَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ قَصِيدَةً يَذْكُرُ فِيهَا الْوَقْعَةَ أَوَّلُهَا:
شَهِدَتْ مَوَاقِفَنَا نِزَارُ فَأَحْمَدَتْ ... كَرَّاتِ كُلِّ سَمَيْدَعٍ قَمْقَامِ
جَاؤُوا وَجِئْنَا لَا نَفَيْتُمْ صِلَّنَا ... ضَرْبًا يُطِيحُ جَمَاجِمَ الْأَجْسَامِ
وَهِيَ طَوِيلَةٌ.
وَفِيهَا كَانَ أَيْضًا بِأَعْمَالِ الْمَوْصِلِ فِتْنَةٌ وَحَرْبٌ قُتِلَ فِيهَا الْحَبَّابُ بْنُ بُكَيْرٍ التَّلِيدِيُّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّيِّدِ بْنِ أَنَسٍ التَّلِيدِيَّ الْأَزْدِيَّ كَانَ قَدِ اشْتَرَى قَرْيَتَيْنِ [كَانَ] رَهَنَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّلِيدِيُّ عِنْدَهُ، وَكَرِهَ صَاحِبُهُمَا (أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الْحَبَّابِ بْنِ بُكَيْرٍ) ، فَقَالَ الْحَبَّابُ لَهُ: ائْتِنِي بِكِتَابٍ مِنْ بُغَا لِأَمْنَعَ عَنْهُمَا، وَأَعْطَاهُ دَوَابَّ وَنَفَقَةً، وَانْحَدَرَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى، وَأَحْضَرَ كِتَابًا مِنْ بُغَا إِلَى الْحَبَّابِ يَأْمُرُهُ بِكَفِّ يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّيِّدِ عَنِ الْقَرْيَتَيْنِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا مَنْ مَنَعَ عَنْهُمَا مُحَمَّدًا، فَجَرَتْ بَيْنَهُمْ مُرَاسَلَاتٌ وَاصْطَلَحُوا.
فَبَيْنَمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّيِّدِ وَالْحَبَّابُ بِالْبُسْتَانِ عَلَى شَرَابٍ لَهُمَا، وَمَعَهُمَا قَيْنَةٌ، قَالَ لَهَا الْحَبَّابُ غَنِّي بِهَذَا الشِّعْرِ:
مَتَّى تَجْمَعُ الْقَلْبَ الزَّكِيَّ وَصَارِمًا ... وَأَنْفًا حَمِيًّا تَجْتَنِبْكَ الْمَظَالِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute