للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعِي إِلَى صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ، وَإِمَّا أَنْ تَصِيرُوا مَعِي حَتَّى أُحْسِنَ إِلَيْكُمْ، فَتَوَكَّلَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الْمُعْتَزِّ بِالْخَبَرِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الْمُعْتَزِّ، وَنُصِبَ بِسَامَرَّا وبِبَغْدَاذَ، وَأَحْرَقَتِ الْمَغَارِبَةُ جَسَدَهُ، وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يَخْتَفِيَ عِنْدَ صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ، فَإِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِالْعِيدِ وَكَانَ قَدْ قَرُبَ خَرَجَ هُوَ وَصَالِحٌ (وَوَثَبُوا بِالْمُعْتَزِّ) .

ذِكْرُ ابْتِدَاءِ حَالِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ

كَانَتْ دِيَارُ مِصْرَ قَدْ أُقْطِعَهَا بَايْكُبَاكُ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ قُوَّادِ الْأَتْرَاكِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالْحَضْرَةِ، وَاسْتَخْلَفَ بِهَا مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ بِهَا.

وَكَانَ طُولُونُ وَالِدُ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ أَيْضًا مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَقَدْ نَشَأَ هُوَ بَعْدَ وَالِدِهِ عَلَى طَرِيقَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ وَسِيرَةٍ حَسَنَةٍ، فَالْتَمَسَ بَايْكُبَاكُ مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ بِمِصْرَ، فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِأَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ لِمَا ظَهَرَ عَنْهُ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ، فَوَلَّاهُ وَسَيَّرَهُ إِلَيْهَا.

وَكَانَ بِهَا ابْنُ الْمُدَبِّرِ عَلَى الْخَرَاجِ، وَقَدْ تَحَكَّمَ فِي الْبَلَدِ، فَلَمَّا قَدِمَهَا أَحْمَدُ كَفَّ يَدَ ابْنِ الْمُدَبِّرِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ، وَكَانَ بَايْكُبَاكُ قَدِ اسْتَعْمَلَ أَحْمَدَ بْنَ طُولُونَ عَلَى مِصْرَ وَحْدَهَا سِوَى بَاقِي الْأَعْمَالِ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَلَمَّا قَتَلَ الْمُهْتَدِي بَايْكُبَاكَ وَصَارَتْ مِصْرُ لِيَارْكُوجَ التُّرْكِيِّ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ مَوَدَّةٌ مُتَأَكِّدَةٌ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ جَمِيعِهَا، فَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَعَلَا شَأْنُهُ، وَدَامَتْ أَيَّامُهُ، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢١] .

ذِكْرُ وَقْعَةٍ بَيْنَ مُسَاوِرٍ الْخَارِجِيِّ وَبَيْنَ عَسْكَرِ الْمَوْصِلِ

كَانَ مُسَاوِرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى أَكْثَرِ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ وَقَوِيَ أَمْرُهُ، فَجَمَعَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ التَّغْلِبِيُّ - وَكَانَ خَلِيفَةَ أَبِيهِ بِالْمَوْصِلِ - عَسْكَرًا كَثِيرًا مِنْهُمْ حَمْدَانُ بْنُ حَمْدُونَ جَدُّ الْأُمَرَاءِ الْحَمْدَانِيَّةِ، وَغَيْرُهُ، وَسَارَ إِلَى مُسَاوِرٍ وَعَبَرَ إِلَيْهِ نَهَرَ الزَّابِ، فَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُسَاوِرٌ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَنَزَلَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي الذِّيَاتِ، وَهُوَ وَادٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>