عَمِيقٌ، فَسَارَ الْحَسَنُ فِي طَلَبِهِ، فَالْتَقَوْا فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَاقْتَتَلُوا، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَسَقَطَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي الْوَادِي، فَهَلَكَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْقَتْلَى، وَنَجَا الْحَسَنُ فَوَصَلَ إِلَى حَزَّةَ مِنْ أَعْمَالِ إِرْبِلَ الْيَوْمَ، وَنَجَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ السَّيِّدِ، فَظَنَّ الْخَوَارِجُ أَنَّهُ الْحَسَنُ فَتَبِعُوهُ، وَكَانَ فَارِسًا شُجَاعًا فَقَاتَلَهُمْ فَقُتِلَ، وَاشْتَدَّ أَمْرُ مُسَاوِرٍ وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَخَافَهُ النَّاسُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الرَّشِيدِ، وَهُوَ عَمُّ الْوَاثِقِ وَالْمُتَوَكِّلِ، وَعَمُّ أَبِي الْمُنْتَصِرِ وَالْمُسْتَعِينِ وَالْمُعْتَزِّ، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِخْوَتُهُ الْأَمِينُ، وَالْمَأْمُونُ، وَالْمُعْتَصِمُ، وَابْنَا أَخِيهِ الْوَاثِقُ وَالْمُتَوَكِّلُ ابْنَا الْمُعْتَصِمِ، وَأَبْنَاءُ ابْنَيْ أَخِيهِ، وَهُمُ الْمُنْتَصِرُ، وَالْمُسْتَعِينُ، وَالْمُعْتَزُّ.
وَفِيهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِسَامَرَّا، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ يَعْتَقِدُ الْإِمَامِيَّةُ إِمَامَتَهُ، (وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ) .
وَفِيهَا عَقَدَ صَالِحُ بْنُ وَصِيفٍ لِدِيُودَادَ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ وَقِنَّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمِ.
وَفِيهَا أَوْقَعَ مُفْلِحٌ بِأَهْلِ قُمٍّ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةَ عَظِيمَةً.
(وَفِيهَا عَاوَدَ أَهْلُ مَارِدَةَ مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ الْخِلَافَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ خَالَفُوا قَدِيمًا عَلَى أَبِيهِ، فَظَفِرَ بِهِمْ، وَتَفَرَّقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ تَجَمَّعَ إِلَيْهَا مَنْ كَانَ فَارَقَهَا، فَعَادُوا إِلَى الْخِلَافِ وَالْعِصْيَانِ، فَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَيْهِمْ، وَحَصَرَهُمْ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، فَانْقَادُوا إِلَى التَّسْلِيمِ وَالطَّاعَةِ، فَنَقَلَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَى قُرْطُبَةَ، وَهَدَمَ سُورَ مَارِدَةَ، وَحَصَّنَ بِهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ الْعُمَّالُ دُونَ غَيْرِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute