للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَاهَرُوا بِالْفَاحِشَةِ، وَتَعَرَّضُوا لِلْحُرَمِ، وَالْغِلْمَانِ بِالْقَهْرِ، فَامْتَلَئُوا عَلَيْهِمْ غَيْظًا وَحَنَقًا، فَاتَّفَقَ الْعَامَّةُ مَعَ الْجُنْدِ، وَثَارُوا، وَأَتَوْا سِجْنَ بَغْدَاذَ، عِنْدَ بَابِ الشَّامِ، فَكَسَرُوا بَابَهُ، وَأَطْلَقُوا مَنْ فِيهِ، وَجَرَتْ حَرْبٌ بَيْنَ الْقَادِمِينَ مَعَ ابْنِ أَوْسٍ وَبَيْنَ أَهْلِ بَغْدَاذَ، فَعَبَرَ ابْنُ أَوْسٍ وَأَصْحَابُهُ وَأَوْلَادُهُ إِلَى الْجَزِيرَةِ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ: مَنْ أَرَادَ النَّهْبَ فَلْيَلْحَقْ بِنَا! فَقِيلَ إِنَّهُ عَبَرَ إِلَى الْجَزِيرَةِ مِنَ الْعَامَّةِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ نَفْسٍ، وَأَتَاهُمُ الْجُنْدُ فِي السِّلَاحِ، فَهَرَبَ ابْنُ أَوْسٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَتَبِعَهُ النَّاسُ، فَتَحَارَبُوا نِصْفَ نَهَارٍ حَرْبًا شَدِيدَةً، وَجُرِحَ ابْنُ أَوْسٍ، وَانْهَزَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَتَبِعَهُمُ النَّاسُ حَتَّى أَخْرَجُوهُمْ مِنْ بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، وَانْتَهَبُوا مَنْزِلَهُ وَجَمِيعَ مَا كَانَ فِيهِ، فَقِيلَ: كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَأَخَذُوا لَهُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ مَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَنَهَبَ أَهْلُ بَغْدَاذَ مَنَازِلَ الصَّعَالِيكِ مِنْ أَصْحَابِهِ.

فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى ابْنِ أَوْسٍ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى خُرَاسَانَ، وَيُعْلِمُهُ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ إِلَى الْعَوْدِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَرَحَلَ إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَنَهَبَ وَأَفْسَدَ، ثُمَّ أَتَى بَايِكْبَاكَ التُّرْكِيَّ، كَتَبَ إِلَيْهِ وُلَاةُ طَرِيقِ خُرَاسَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.

وَكَانَ مُسَاوِرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَدِ اسْتَخْلَفَ رَجُلًا اسْمُهُ مُوسَى بِالدَّسْكَرَةِ وَنَوَاحِيهَا، فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ، وَإِلَيْهِ مَا بَيْنَ حُلْوَانَ وَالسُّوسِ عَلَى طَرِيقِ خُرَاسَانَ وَبَطْنِ جُوخَى.

وَفِيهَا أَمَرَ الْمُهْتَدِي بِإِخْرَاجِ الْقِيَانِ وَالْمُغَنِّينَ مِنْ سَامَرَّا، وَنَفَاهُمْ عَنْهَا، وَأَمَرَ أَيْضًا بِقَتْلِ السِّبَاعِ الَّتِي كَانَتْ بِدَارِ السُّلْطَانِ، وَطَرْدِ الْكِلَابِ، وَرَدَّ الْمَظَالِمَ، وَجَلَسَ لِلْعَامَّةِ، وَلَمَّا وَلِيَ كَانَتِ الدُّنْيَا كُلُّهَا بِالْفِتَنِ مَنْسُوخَةً.

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مُفْلِحٍ عَلَى طَبَرِسْتَانَ وَعَوْدِهِ عَنْهَا

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ مُفْلِحٌ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، فَحَارَبَ الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ الْعَلَوِيَّ، فَانْهَزَمَ الْحَسَنُ وَلَحِقَ بِالدَّيْلَمِ، وَدَخَلَ مُفْلِحٌ الْبَلَدَ، وَأَحْرَقَ مَنَازِلَ الْحَسَنِ، وَسَارَ إِلَى الدَّيْلَمِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>