للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَبِهِ، ثُمَّ عَادَ عَنْ طَبَرِسْتَانَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا، وَهَزَمَ الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ الْعَلَوِيَّ، وَعَادَ مُوسَى بْنُ بُغَا مِنَ الرَّيِّ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قَبِيحَةَ أُمَّ الْمُعْتَزِّ لَمَّا رَأَتِ اضْطِرَابَ الْأَتْرَاكِ كَتَبَتْ إِلَى مُوسَى تَسْأَلُهُ الْقُدُومَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّلَتْ أَنْ يَصِلَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِطَ فِي وَلَدِهَا فَارِطٌ، فَعَزَمَ عَلَى الِانْصِرَافِ، وَكَتَبَ مُفْلِحٌ يَأْمُرُهُ بِالِانْصِرَافِ عَنْ طَبَرِسْتَانَ إِلَيْهِ بِالرَّيِّ، فَوَرَدَ كِتَابُهُ إِلَى مُفْلِحٍ وَهُوَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى أَرْضِ الدَّيْلَمِ فِي طَلَبِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْعَلَوِيِّ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ رَجَعَ، فَأَتَاهُ مَنْ كَانَ هَرَبَ مِنَ الْحَسَنِ مِنْ أَهْلِ طَبَرِسْتَانَ، وَرَجَوُا الْعَوْدَ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَقَالُوا لَهُ: مَا سَبَبُ عَوْدِكَ؟ فَأَخْبَرَهُمْ بِكِتَابِ الْأَمِيرِ إِلَيْهِ يَعْزِمُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لِمُوسَى الْمَسِيرُ عَنِ الرَّيِّ حَتَّى أَتَاهُ خَبَرُ قَتْلِ الْمُعْتَزِّ وَالْبَيْعَةِ لِلْمُهْتَدِي، فَبَايَعُوا الْمُهْتَدِي.

ثُمَّ إِنَّ الْمَوَالِيَ الَّذِينَ مَعَ مُوسَى بَلَغَهُمْ مَا أَخَذَ صَالِحُ بْنُ وَصِيفٍ مِنْ أَمْوَالِ الْكُتَّابِ وَأَسْلَابِ الْمُعْتَزِّ، فَحَسَدُوا الْمُقِيمِينَ بِسَامَرَّا، فَدَعَوْا مُوسَى بْنَ بُغَا بِالِانْصِرَافِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ مُفْلِحٌ وَهُوَ بِالرَّيِّ فَسَارَ نَحْوَ سَامَرَّا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُهْتَدِي يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَى الرَّيِّ وَلُزُومِ ذَلِكَ الثَّغْرِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُعَرِّفَانِهِ ضِيقَ الْأَمْوَالِ عِنْدَهُ، وَيُحَذِّرَانِهِ غَلَبَةَ الْعَلَوِيِّينَ عَلَى مَا (يَجْعَلُهُ خَلْفَهُ) ، فَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ.

وَكَانَ صَالِحُ بْنُ وَصِيفٍ يُعَظِّمُ عَلَى الْمُهْتَدِي انْصِرَافَهُ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَالْخِلَافِ، وَيَتَبَرَّأُ إِلَى الْمُهْتَدِي مِنْ فِعْلِهِ، وَلَمَّا أَتَى الرُّسُلُ مُوسَى ضَجَّ الْمَوَالِي، وَكَادُوا أَنْ يَثِبُوا بِالرُّسُلِ، وَرَدَّ مُوسَى الْجَوَابَ يَتَعَذَّرُ بِتَخَلُّفِ مَنْ مَعَهُ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِ دُونَ وُرُودِ بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَحْتَجُّ بِمَا عَايَنَ الرُّسُلُ، وَأَنَّهُ إِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ قَتَلُوهُ، وَسَيَّرَ مَعَ الرُّسُلِ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَدِمُوا سَامَرَّا سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ.

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مُسَاوِرٍ عَلَى الْمَوْصِلِ

لَمَّا انْهَزَمَ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ مِنْ مُسَاوِرٍ الْخَارِجِيِّ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، قَوِيَ أَمْرُهُ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ، فَسَارَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَقَصَدَ الْمَوْصِلَ، فَنَزَلَ بِظَاهِرِهَا عِنْدَ الدَّيْرِ الْأَعْلَى، فَاسْتَتَرَ أَمِيرُ الْبَلَدِ مِنْهُ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، لِضَعْفِهِ عَنْ مُقَاتَلَتِهِ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ أَهْلُ الْمَوْصِلِ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>