(لِمَيْلِهِمْ إِلَى الْخِلَافِ) ، فَوَجَّهَ مُسَاوِرٌ جَمْعًا إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْبَلَدِ، فَأَحْرَقَهَا، وَدَخَلَ مُسَاوِرٌ الْمَوْصِلَ بِغَيْرِ حَرْبٍ، فَلَمْ يَعْرِضْ لِأَحَدٍ.
وَحَضَرَتِ الْجُمُعَةُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ، وَحَضَرَ النَّاسُ، أَوْ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْنَا، وَأَصْلِحْ وُلَاتَنَا! وَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ إِبْهَامَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ سِتَّ تَكَبِيرَاتٍ، ثُمَّ قَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمَّا خَطَبَ جَعَلَ عَلَى دَرَجِ الْمِنْبَرِ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يَحْرُسُهُ بِالسُّيُوفِ، وَكَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ خَافَ مَنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ، ثُمَّ فَارَقَ الْمَوْصِلَ، وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَى الْمُقَامِ بِهَا لِكَثْرَةِ أَهْلِهَا، وَسَارَ إِلَى الْحَدِيثَةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ اتَّخَذَهَا دَارَ هِجْرَتِهِ.
ذِكْرُ أَوَّلِ خُرُوجِ صَاحِبِ الزَّنْجِ
وَفِي شَوَّالٍ خَرَجَ فِي فُرَاتِ الْبَصْرَةِ رَجُلٌ، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ [بْنِ عَلِيِّ] بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَجَمَعَ الزَّنْجَ الَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ السِّبَاخَ، وَعَبَرَ دِجْلَةَ، فَنَزَلَ الدِّينَارِيَّ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ اسْمُهُ، فِيمَا ذُكِرَ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، وَنَسَبُهُ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ، وَأُمُّهُ ابْنَةُ عَلِيِّ بْنِ رَحِيبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ (مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ قُرَى الرَّيِّ، وَكَانَ يَقُولُ: جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ حَكِيمٍ) مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَحَدُ الْخَارِجِينَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا قُتِلَ زَيْدٌ هَرَبَ فَلَحِقَ بِالرَّيِّ، فَجَاءَ إِلَى قَرْيَةِ وَرْزَنِينَ وَأَقَامَ بِهَا.
وَإِنَّ أَبَا أَبِيهِ عَبْدَ الرَّحِيمِ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، كَانَ مَوْلِدُهُ بِالطَّالَقَانِ، وَقَدِمَ الْعِرَاقَ، وَاشْتَرَى جَارِيَةً سِنْدِيَّةً، وَأَوْلَدَهَا مُحَمَّدًا أَبَاهُ، وَكَانَ مُتَّصِلًا قَبْلُ بِجَمَاعَةٍ مِنْ حَاشِيَةِ الْمُنْتَصِرِ، مِنْهُمْ غَانِمٌ الشَّطْرَنْجِيُّ، وَسَعِيدٌ الصَّغِيرُ، وَكَانَ مَعَاشُهُ مِنْهُمْ وَمِنْ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ، وَكَانَ يَمْدَحُهُمْ وَيَسْتَمِيحُهُمْ بِشِعْرِهِ، (مِنْهُمْ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ) .
ثُمَّ إِنَّهُ شَخَصَ مِنْ سَامَرَّا سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، فَادَّعَى بِهَا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute