للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَأْمَنَ إِلَى صَاحِبِ الزَّنْجِ رَجُلٌ (مِنْ رُؤَسَاءِ الزَّنْجِ) يُكَنَّى بِأَبِي صَالِحٍ، وَيُعْرَفُ بِالْقَصِيرِ، فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الزَّنْجِ، فَلَمَّا كَثُرُوا جَعَلَ الْقُوَّادَ فِيهِمْ مِنْهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُّ مَنْ أَتَى مِنْكُمْ بِرَجُلٍ فَهُوَ مَضْمُومٌ إِلَيْهِ.

وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ نُقِلَ مِنْ وَاسِطَ إِلَى وِلَايَةِ الْأُبُلَّةِ وَكُوَرِ دِجْلَةَ، وَسَارَ قَائِدُ الزَّنْجِ إِلَى الْمُحَمَّدِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَهَا وَافَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، فَصَاحَ الزَّنْجُ: السِّلَاحَ، وَقَامُوا، وَكَانَ فِيهِمْ فَتْحٌ الْحَجَّامُ، فَقَامَ وَأَخَذَ طَبَقًا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ السُّورَجِيِّينَ يُقَالُ لَهُ بُلْبُلٌ، فَلَمَّا رَآهُ فَتْحٌ حَمَلَ عَلَيْهِ، وَحَذَفَهُ بِالطَّبَقِ الَّذِي بِيَدِهِ، فَرَمَى سِلَاحَهُ وَوَلَّى هَارِبًا، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَمَاتَ بَعْضُهُمْ عَطَشًا، وَأَسَرَ مِنْهُمْ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ.

ثُمَّ سَارَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، فَنَهَبَهَا أَصْحَابُهُ بِأَمْرِهِ، وَمَا زَالَ يَتَرَدَّدُ إِلَى أَنْهَارِ الْبَصْرَةِ، فَوَجَدَ بَعْضُ السُّودَانِ دَارًا لِبَعْضِ بَنِي هَاشِمٍ، فِيهَا سِلَاحٌ بِالسَّيْبِ، فَانْتَهَبُوهُ، فَصَارَ مَعَهُمْ مَا يُقَاتِلُونَ بِهِ، فَأَتَاهُ، وَهُوَ بِالسَّبَبِ، جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُقَاتِلُونَهُ، فَوَجَّهَ يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ فِي خَمْسِمِائَةِ رَجُلٍ، فَلَقَوُا الْبَصْرِيِّينَ، فَانْهَزَمَ الْبَصْرِيُّونَ مِنْهُمْ، وَأَخَذُوا سِلَاحَهُمْ، ثُمَّ قَاتَلَ طَائِفَةً أُخْرَى عِنْدَ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِقَرْيَةِ الْيَهُودِ، فَهَزَمَهُمْ أَيْضًا، وَأَثْبَتَ أَصْحَابَهُ فِي الصَّحْرَاءِ.

ثُمَّ أَسْرَى إِلَى الْجَعْفَرِيَّةِ، فَوَضَعَ فِي أَهْلِهَا السَّيْفَ، فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ، وَأَتَى مِنْهُمْ بِأَسْرَى فَأَطْلَقَهُمْ، وَلَقِيَ جَيْشًا كَبِيرًا لِلْبَصْرِيِّينَ مَعَ رَئِيسٍ اسْمُهُ عُقَيْلٌ، فَهَزَمَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ مَعَهُمْ سُفُنٌ، فَهَبَّتْ عَلَيْهَا رِيحٌ فَأَلْقَتْهَا إِلَى الشَّطِّ، فَنَزَلَ الزَّنْجُ وَقَتَلُوا مَنْ وَجَدُوا فِيهَا، وَغَنِمُوا مَا فِيهَا، وَكَانَ مَعَ الرَّئِيسِ (سُفُنٌ فَرَكِبَهَا وَنَجَا، فَأَنْفَذَ صَاحِبُ الزَّنْجِ فَأَخَذَهَا وَنَهَبَ مَا فِيهَا، ثُمَّ نَهَبَ) الْقَرْيَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِالْمُهَلَّبِيَّةِ وَأَحْرَقَهَا، وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ وَعَاثَ.

ثُمَّ لَقِيَهُ قَائِدٌ مِنْ قُوَّادِ الْأَتْرَاكِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو هِلَالٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ عَلَى نَهْرِ الرَّيَّانِ، فَاقْتَتَلُوا، وَحَمَلَ السُّودَانُ عَلَيْهِ حَمْلَةً صَادِقَةً، فَقَتَلُوا صَاحِبَ عَلَمِهِ، فَانْهَزَمَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>