حَتَّى تَعْلَمُوا أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ، أَمَا إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَّصِلِينَ بِكُمْ أَيْسَرُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِي وَوَلَدِي (سَوْأَةٌ لَكُمْ) ، يَقُولُونَ: إِنِّي أَعْلَمُ بِمَكَانِ صَالِحٍ، وَهَلْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي؟ فَكَيْفَ الْإِقَامَةُ مَعَهُ إِذَا سَاءَ رَأْيُكُمْ فِيهِ؟ وَإِذَا أَبْرَمْتُمُ الصُّلْحَ فِيهِ كَانَ (ذَلِكَ مَا أُنْفِذُهُ لِجَمِيعِكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَشَأْنَكُمْ، وَاطْلُبُوا صَالِحًا، وَأَمَّا أَنَا فَمَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ) .
قَالُوا: فَاحْلِفْ لَنَا عَلَى ذَلِكَ! قَالَ: أَمَّا الْيَمِينُ فَنَعَمْ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ بِحَضْرَةِ بَنِي هَاشِمٍ، وَالْقُضَاةِ غَدًا إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ ; ثُمَّ قَالَ لِبَايِكْبَاكَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ بُغَا: قَدْ حَضَرْتُمَا مَا عَمِلَهُ صَالِحٌ فِي أَمْوَالِ الْكُتَّابِ، وَأُمِّ الْمُعْتَزِّ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا فَقَدْ أَخَذْتُمَا مِثْلَهُ، فَأَحْفَظَهُمَا ذَلِكَ، ثُمَّ أَرَادُوا خَلْعَهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُمْ خَوْفُ الِاضْطِرَابِ وَقِلَّةُ الْأَمْوَالِ، فَأَتَاهُمْ مَالٌ مِنْ فَارِسٍ عَشَرَةُ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا كَانَ سَلْخُ الْمُحَرَّمِ انْتَشَرَ الْخَبَرُ فِي الْعَامَّةِ أَنَّ الْقَوْمَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى خَلْعِ الْمُهْتَدِي وَالْفَتْكِ بِهِ، وَأَنَّهُمْ قَدْ أَرْهَقُوهُ، وَكَتَبُوا الرِّقَاعَ وَرَمَوْهَا فِي الطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ، مَكْتُوبٌ فِيهَا: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ادْعُوا اللَّهَ لِخَلِيفَتِكُمُ الْعَدْلِ، الرِّضَا، الْمُضَاهِي لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَلَى عَدُوِّهِ، وَيَكْفِيَهُ مَئُونَةَ ظَالِمِهِ، وَتَتِمَّ النِّعْمَةُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِبَقَائِهِ، فَإِنَّ الْأَتْرَاكَ قَدْ أَخَذُوهُ بِأَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَهُوَ يُعَذَّبُ مُنْذُ أَيَّامٍ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ تَحَرَّكَ الْمَوَالِي بِالْكَرْخِ وَالدُّورِ، وَبَعَثُوا إِلَى الْمُهْتَدِي، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بَعْضَ إِخْوَتِهِ لِيُحَمِّلُوهُ رِسَالَةً، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ أَخَاهُ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ اللَّهِ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّهُمْ سَامِعُونَ مُطِيعُونَ، وَأَنَّهُمْ بَلَغَهُمْ أَنَّ مُوسَى، وَجَمَاعَةً مَعَهُ يُرِيدُونَهُ عَلَى الْخَلْعِ، وَأَنَّهُمْ يَبْذُلُونَ دِمَاءَهُمْ دُونَ ذَلِكَ (وَمَا هُمْ دُونَ ذَلِكَ) ، وَشَكَوْا تَأَخُّرَ أَرْزَاقِهِمْ، وَمَا صَارَ مِنَ الْأَقْطَاعِ، وَالزِّيَادَاتِ، وَالرُّسُومِ إِلَى قُوَّادِهِمُ الَّتِي قَدْ أَجْحَفَتْ بِالْخَرَاجِ وَالضِّيَاعِ، مَا قَدْ أَخَذُوا النِّسَاءَ وَالدُّخَلَاءَ، فَكَتَبُوا بِذَلِكَ كِتَابًا، فَحَمَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute