للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْمُهْتَدِي وَكَتَبَ جَوَابَهُ بِخَطِّهِ: قَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكُمْ، وَسَرَّنِي مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ طَاعَتِكُمْ، فَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَكُمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَلَّتِكُمْ وَحَاجَتِكُمْ فَعَزِيزٌ عَلَيَّ ذَلِكَ، وَلَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّ صَلَاحَكُمْ يُهَيَّأُ بِأَنْ لَا آكُلَ وَلَا أَشْرَبَ وَلَا أُطْعِمَ وَلَدِي إِلَّا الْقُوتَ، وَلَا أَكْسُوَهُ) إِلَّا سَتْرَ الْعَوْرَةِ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا صَارَ إِلَيَّ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْإِقْطَاعَاتِ وَغَيْرِهَا فَأَنَا أَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَأُصَرِّفُهُ إِلَى مَحَبَّتِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَقَرَءُوا الْكِتَابَ وَكَتَبُوا، بَعْدَ الدُّعَاءِ، يَسْأَلُونَ أَنْ يَرُدَّ الْأُمُورَ فِي الْخَاصِّ وَالْعَامِّ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مُعْتَرِضٌ، وَأَنْ يَرُدَّ رُسُومَهُمْ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَيَّامَ الْمُسْتَعِينِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ تِسْعَةٍ عَرِيفٌ، وَعَلَى كُلِّ خَمْسِينَ خَلِيفَةٌ، وَعَلَى كُلِّ مِائَةٍ قَائِدٌ، وَأَنْ يُسْقِطَ النِّسَاءَ وَالزِّيَادَاتِ، وَلَا يَدْخُلَ مَوْلًى فِي مَالِهِ وَلَا غَيْرُهُ، وَأَنْ يُوضَعَ لَهُمُ الْعَطَاءُ كُلَّ شَهْرَيْنِ، وَأَنْ تُبْطَلَ الْإِقْطَاعَاتُ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَائِرُونَ إِلَى بَابِهِ لِيَقْضِيَ حَوَائِجَهُمْ، وَإِنْ بَلَغَهُمْ أَنَّ أَحَدًا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَخَذُوا رَأْسَهُ، وَإِنْ سَقَطَ مِنْ رَأْسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ شَعْرَةٌ قَتَلُوا بِهَا مُوسَى بْنَ بُغَا وَبَايِكْبَاكَ وَيَاجُورَ وَغَيْرَهُمْ.

وَأَرْسَلُوا الْكِتَابَ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ، وَتَحَوَّلُوا إِلَى سَامَرَّا، فَاضْطَرَبَ الْقُوَّادُ جِدًّا ; وَقَدْ كَانَ الْمُهْتَدِي قَعَدَ لِلْمَظَالِمِ، وَعِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ، وَالْقُضَاةُ، وَقَامَ الْقُوَّادُ فِي مَرَاتِبِهِمْ، فَدَخَلَ أَبُو الْقَاسِمِ إِلَيْهِ بِالْكِتَابِ، فَقَرَأَهُ لِلْقُوَّادِ قِرَاءَةً ظَاهِرَةً، وَفِيهِمْ مُوسَى، وَكَتَبَ جَوَابَهُ بِخَطِّهِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا، وَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ، فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لِمُوسَى بْنِ بُغَا، وَبَايِكْبَاكَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بُغَا: وَجِّهُوا مَعِي رُسُلًا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِمْ عَنْكُمْ ; فَوَجَّهُوا مَعَهُ رُسُلًا، فَوَصَلُوا إِلَى الْأَتْرَاكِ، وَهُمْ زُهَاءُ أَلْفِ فَارِسٍ، وَثَلَاثَةُ آلَافِ رَاجِلٍ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ، فَأَوْصَلَ الْكِتَابَ، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَجَابَكُمْ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: هَؤُلَاءِ رُسُلُ الْقُوَّادِ إِلَيْكُمْ، يَعْتَذِرُونَ مِنْ شَيْءٍ إِنْ كَانَ بَلَغَكُمْ عَنْهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَةٌ، وَأَنْتُمْ مِنَّا وَإِلَيْنَا، وَاعْتَذَرَ عَنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>