للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَتَبُوا إِلَى الْمُهْتَدِي يَطْلُبُونَ خَمْسَةَ تَوْقِيعَاتٍ، تَوْقِيعًا بِخَطِّ الزِّيَادَاتِ، وَتَوْقِيعًا بِرَدِّ الْإِقْطَاعَاتِ، وَتَوْقِيعًا بِإِخْرَاجِ الْمَوَالِي الْبَرَّانِيِّينَ مِنَ الْخَاصَّةِ إِلَى الْبَرَّانِيِّينَ، وَتَوْقِيعًا بِرَدِّ الرُّسُومِ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَيَّامَ الْمُسْتَعِينِ، وَتَوْقِيعًا بِرَدِّ الْبَلَاجِيِّ، ثُمَّ يَجْعَلُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَيْشَ إِلَى أَحَدِ إِخْوَتِهِ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَرَى لِيَرْفَعَ إِلَيْهِمْ أُمُورَهُمْ، وَلَا يَكُونُ رَجُلًا مِنَ الْمَوَالِي، وَأَنْ يُحَاسِبَ صَالِحَ بْنَ وَصِيفٍ، وَمُوسَى بْنَ بُغَا عَمَّا عِنْدَهُمَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَيَجْعَلَ لَهُمُ الْعَطَاءَ كُلَّ شَهْرَيْنِ، لَا يُرْضِيهِمْ إِلَّا ذَلِكَ، وَدَفَعُوا الْكِتَابَ إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ، وَكَتَبُوا كِتَابًا آخَرَ إِلَى الْقُوَّادِ مُوسَى وَغَيْرِهِ [ذَكَرُوا فِيهِ] أَنَّهُمْ كَتَبُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا كَتَبُوا، وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُمْ شَيْئًا مِمَّا طَلَبُوا إِلَّا أَنْ يَعْتَرِضُوا عَلَيْهِ، وَأَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يُوَافِقُوهُمْ، وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ شَاكَهُ شَوْكَةٌ، وَأُخِذَ مِنْ رَأْسِهِ شَعْرَةٌ، أَخَذُوا رُءُوسَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يُقْنِعُهُمْ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ صَالِحٌ، وَيَجْتَمِعَ هُوَ وَمُوسَى بْنُ بُغَا حَتَّى يَنْظُرَ أَيْنَ الْأَمْوَالُ.

فَلَمَّا قَرَأَ الْمُهْتَدِي الْكِتَابَ أَمَرَ بِإِنْشَاءِ التَوْقِيعًاتِ الْخَمْسَةِ عَلَى مَا سَأَلُوا، وَسَيَّرَهَا إِلَيْهِمْ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا طَلَبُوا، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ مُوسَى بْنُ بُغَا (كَذَلِكَ، وَأَذِنَ) فِي ظُهُورِ صَالَحٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ وَابْنُ عَمِّهِ، وَأَنَّهُ مَا أَرَادَ مَا يَكْرَهُونَ، فَلَمَّا قَرَءُوا الْكِتَابَيْنِ قَالُوا قَدْ أَمْسَيْنَا، وَغَدًا نُعَرِّفُكُمْ رَأْيَنَا، فَافْتَرَقُوا.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَكِبَ مُوسَى مِنْ دَارِ الْخَلِيفَةِ، وَمَعَهُ مِنْ عَسْكَرِهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ رَجُلٍ، فَوَقَفَ عَلَى طَرِيقِهِمْ، وَأَتَاهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ، فَلَمْ يَعْقِلْ مِنْهُمْ جَوَابًا إِلَّا كُلُّ طَائِفَةٍ يَقُولُونَ شَيْئًا، فَلَمَّا طَالَ الْكَلَامُ انْصَرَفَ أَبُو الْقَاسِمِ، فَاجْتَازَ بِمُوسَى بْنِ بُغَا وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَانْصَرَفَ مَعَهُ.

ثُمَّ أَمَرَ الْمُهْتَدِي مُحَمَّدَ بْنَ بُغَا أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِمْ مَعَ أَخِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ، فَسَارَ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ، وَرَجَعَ مُوسَى إِلَى مَكَانِهِ بُكْرَةً، وَتَقَدَّمَ أَبُو الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بُغَا فَوَاعَدَاهُمْ عَنِ الْمُهْتَدِي، وَأَعْطَيَاهُمْ تَوْقِيعًا فِيهِ أَمَانُ صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ، مُوَكَّدًا غَايَةَ التَّوْكِيدِ، فَطَلَبُوا أَنْ يَكُونَ مُوسَى فِي مَرْتَبَةِ بُغَا الْكَبِيرِ، وَصَالِحٌ فِي مَرْتَبَةِ أَبِيهِ، وَيَكُونَ الْجَيْشُ (فِي يَدِ مَنْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>