للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتِهِ أَنَّهُ سَلِيمٌ لَيْسَ بِهِ أَثَرٌ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْمُنْتَصِرِ.

وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ خَلْعِهِ وَمَوْتِهِ أَنَّ أَهْلَ الْكَرْخِ وَالدُّورِ اجْتَمَعُوا وَطَلَبُوا أَنْ يَدْخُلُوا إِلَى الْمُهْتَدِي، وَيُكَلِّمُوهُ بِحَاجَاتِهِمْ، فَدَخَلُوا الدَّارَ، وَفِيهَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بُغَا، وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُوَّادِ، فَخَرَجَ أَبُو نَصْرٍ مِنْهَا، وَدَخَلَ أَهْلُ الْكَرْخِ وَالدُّورِ، وَشَكَوْا حَالَهُمْ إِلَى الْمُهْتَدِي، وَهُمْ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُعْزَلَ مِنْهُمْ أُمَرَاؤُهُمْ، وَأَنْ يَصِيرَ الْأَمْرُ إِلَى إِخْوَتِهِ، وَأَنْ يَأْخُذَ الْقُوَّادَ وَكُتَّابَهُمْ بِالْمَالِ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِمْ، فَوَعَدَهُمْ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا سَأَلُوهُ، فَأَقَامُوا يَوْمَهُمْ فِي الدَّارِ، فَحَمَلَ الْمُهْتَدِي إِلَيْهِمْ مَا يَأْكُلُونَ.

وَسَارَ مُحَمَّدُ بْنُ بُغَا إِلَى الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَأَصْبَحُوا مِنَ الْغَدِ يَطْلُبُونَ مَا سَأَلُوهُ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ صَعْبٌ، وَإِخْرَاجُ الْأَمْرِ عَنْ يَدِ هَؤُلَاءِ الْقُوَّادِ لَيْسَ بِسَهْلٍ، فَكَيْفَ إِذَا جَمَعَ إِلَيْهِ مُطَالَبَتَهُمْ بِالْأَمْوَالِ؟ فَانْظُرُوا فِي أُمُورِكُمْ، فَانْظُرُوا فِي أُمُورِكُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَصْبِرُونَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ إِلَى أَنْ نَبْلُغَ غَايَتَهُ، وَإِلَّا فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُحْسِنُ لَكُمُ النَّظَرَ، فَأَبَوْا إِلَّا مَا سَأَلُوهُ، فَدَعَوْا إِلَى أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ عَلَى أَنْ يُقِيمُوا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَأَنْ يُقَاتِلُوا مَنْ قَاتَلَهُمْ، وَيَنْصَحُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ، فَأُخِذَتْ عَلَيْهِمْ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ.

ثُمَّ كَتَبُوا إِلَى أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَعَنِ الْمُهْتَدِي يُنْكِرُونَ خُرُوجَهُ عَنِ الدَّارِ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصَدُوا لِيَشْكُوا حَالَهُمْ، وَلَمَّا رَأَوُا الدَّارَ فَارِغَةً أَقَامُوا فِيهَا، فَرَجَعَ فَحَضَرَ عِنْدَ الْمُهْتَدِي، فَقَبَّلَ رِجْلَهُ وَيَدَهُ وَوَقَفَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْأَمْوَالِ وَمَا يَقُولُهُ الْأَتْرَاكُ، فَقَالَ: وَمَا أَنَا وَالْأَمْوَالُ؟ قَالَ: وَهَلْ هِيَ إِلَّا عِنْدَكَ وَعِنْدَ أَخِيكَ وَأَصْحَابِكُمَا؟ ثُمَّ أَخَذُوا بِيَدِ مُحَمَّدٍ وَحَبَسُوهُ، وَكَتَبُوا إِلَى مُوسَى بْنِ بُغَا، وَمُفْلِحٍ بِالِانْصِرَافِ إِلَى سَامَرَّا، وَتَسْلِيمِ الْعَسْكَرِ إِلَى قُوَّادٍ ذَكَرُوهُمْ، وَكَتَبُوا إِلَى الْأَتْرَاكِ الصِّغَارِ فِي تَسَلُّمِ الْعَسْكَرِ مِنْهُمَا، وَذَكَرُوا مَا جَرَى لَهُمْ، وَقَالُوا: إِنْ أَجَابَ مُوسَى وَمُفْلِحٌ إِلَى مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ الْإِقْبَالِ إِلَى سَامَرَّا، وَتَسْلِيمِ الْعَسْكَرِ، وَإِلَّا فَشُدُّوهُمَا وَثَاقًا، وَاحْمِلُوهُمْ إِلَى الْبَابِ.

وَأَجْرَى الْمُهْتَدِي عَلَى مَنْ أُخِذَتْ عَلَيْهِ الْبَيْعَةُ كُلِّ رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا وَصَلَتِ الْكُتُبُ إِلَى عَسْكَرِ مُوسَى أَخَذَهَا مُوسَى، وَقُرِئَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ، وَأَخَذُوا عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ بِالنُّصْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>