لَهُمْ، وَسَارُوا نَحْوَ سَامَرَّا، فَنَزَلُوا عِنْدَ قَنْطَرَةِ (الرَّقِيقِ لِإِحْدَى) عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ، وَخَرَجَ الْمُهْتَدِي وَعَرَضَ النَّاسَ. وَعَادَ مِنْ يَوْمِهِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ مِنَ الْغَدِ وَقَدْ دَخَلَ مِنْ أَصْحَابِ مُوسَى زُهَاءَ أَلْفِ فَارِسٍ، مِنْهُمْ كَوْبَكِينُ وَغَيْرُهُ، وَعَادَ، وَخَرَجَ الْمُهْتَدِي فَصَفَّ أَصْحَابَهُ، وَفِيهِمْ مَنْ أَتَى مِنْ أَصْحَابِ مُوسَى، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُوسَى (يُرِيدُ أَنْ يُوَلِّيَ) نَاحِيَةً يَنْصَرِفُ إِلَيْهَا، وَأَصْحَابُ الْمُهْتَدِي يُرِيدُونَ أَنْ يَجِيءَ إِلَيْهِمْ لِيُنَاظِرَهُمْ عَلَى الْأَمْوَالِ، فَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى شَيْءٍ.
وَانْصَرَفَ عَنْ مُوسَى خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَعَدَلَ هُوَ وَمُفْلِحٌ يُرِيدَانِ طَرِيقَ خُرَاسَانَ، وَأَقْبَلَ بَايِكْبَاكُ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْقُوَّادِ، فَوَصَلُوا إِلَى الْمُهْتَدِي، فَسَلَّمُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالِانْصِرَافِ، وَحَبَسَ بَايِكْبَاكَ، وَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ أَحَدٌ، وَلَا تَغَيَّرَ شَيْءٌ إِلَّا تَغَيُّرًا يَسِيرًا، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ.
فَلَمَّا كَانَ الْأَحَدُ أَنْكَرَ الْأَتْرَاكُ مُسَاوَاةَ الْفَرَاغِنَةِ لَهُمْ فِي الدَّارِ، وَدُخُولَهُمْ مَعَهُمْ، وَرُفِعَ أَنَّ الْفَرَاغِنَةَ إِنَّمَا تَمَّ لَهُمْ هَذَا بِعَدَمِ رُؤَسَاءِ الْأَتْرَاكِ، فَخَرَجُوا مِنَ الدَّارِ بِأَجْمَعِهِمْ، وَبَقِيَتِ الدَّارُ عَلَى الْفَرَاغِنَةِ، وَالْمَغَارِبَةِ، فَأَنْكَرَ الْأَتْرَاكُ ذَلِكَ، وَأَضَافُوا إِلَيْهِ طَلَبَ بَايِكْبَاكَ، فَقَالَ الْمُهْتَدِي لِلْفَرَاعِنَةِ وَالْمَغَارِبَةِ مَا جَرَى مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنْ كُنْتُمْ تَظُنُّونَ فِيكُمْ قُوَّةً فَمَا أَكْرَهُ قُرْبَكُمْ، وَإِلَّا أَرْضَيْنَاهُمْ مِنْ قَبْلِ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ! فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَقُومُونَ بِهِ، فَخَرَجَ بِهِمُ الْمُهْتَدِي وَهُمْ فِي سِتَّةِ آلَافٍ، مِنْهُمْ مِنَ الْأَتْرَاكِ نَحْوُ أَلْفٍ وَهُمْ أَصْحَابُ صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ، وَكَانَ الْأَتْرَاكُ فِي عَشَرَةِ آلَافِ، فَلَمَّا الْتَقَوُا انْهَزَمَ أَصْحَابُ صَالِحٍ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ كَمِينٌ لِلْأَتْرَاكِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْمُهْتَدِي، وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوُا الْمُهْتَدِيَ بِدَارِ أَحْمَدَ بْنِ جَمِيلٍ قَاتَلَهُمْ، فَأَخْرَجُوهُ، وَكَانَ بِهِ أَثَرُ طَعْنَةٍ، فَلَمَّا رَأَى الْجُرْحَ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَيْهِمْ، وَأَرَادُوهُ عَلَى خَلْعٍ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُمْ، فَمَاتَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَأَظْهَرُوهُ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ.
وَكَانُوا قَدْ خَلَعُوا أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مِنْ كَعْبَيْهِ، وَفَعَلُوا بِهِ غَيْرَ شَيْءٍ حَتَّى مَاتَ ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute