بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَرْبِ، فَخَرَجُوا، فَرَأَوْا مُفْلِحًا قَدْ أَتَاهُمْ فِي عَسْكَرٍ لِحَرْبِهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ، فَبَيْنَمَا مُفْلِحٌ يُقَاتِلُهُمْ إِذْ أَتَاهُ سَهْمُ غَرْبٍ لَا يُعْرَفُ مَنْ رَمَى بِهِ، فَأَصَابَهُ، فَرَجَعَ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَقَتَلُوا فِيهِمْ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَحَمَلُوا الرُّءُوسَ إِلَى الْعَلَوِيِّ، وَاقْتَسَمَ الزَّنْجُ (لُحُومَ الْقَتْلَى) .
وَأُتِيَ بِالْأَسْرَى، فَسَأَلَهُمْ عَنْ قَائِدِ الْجَيْشِ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ أَبُو أَحْمَدَ، وَمَاتَ مُفْلِحٌ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ، فَلَمْ يَلْبَثِ الْعَلَوِيُّ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى وَافَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا أَحْمَدَ رَحَلَ نَحْوَ الْأُبُلَّةِ لِيَجْمَعَ مَا فَرَّقَتْهُ الْهَزِيمَةُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى نَهْرِ أَبِي الْأَسَدِ، وَلَمَّا عَلِمَ الْخَبِيثُ كَيْفَ قُتِلَ مُفْلِحٌ، وَلَمْ يَرَ أَحَدًا يَدَّعِي قَتْلَهُ، زَعَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَكَذَبَ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ.
ذِكْرُ قَتْلِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَحْرَانِيِّ
وَفِيهَا أُسِرَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَحْرَانِيُّ قَائِدُ صَاحِبِ الزَّنْجِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا سَارَ نَحْوَ نَهْرِ الْعَبَّاسِ لَقِيَهُ عَسْكَرُ أَصْعَجُورَ عَامِلِ الْأَهْوَازِ بَعْدَ مَنْصُورٍ، وَقَاتَلَهُمْ، وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْهُمْ عَدَدًا، فَنَالَ ذَلِكَ الْعَسْكَرُ مِنَ الزَّنْجِ بِالنُّشَّابِ، وَجَرَحُوهُمْ، فَعَبَرَ يَحْيَى النَّهْرَ إِلَيْهِمْ، فَانْحَازُوا عَنْهُ، وَغَنِمَ سُفُنًا كَانَتْ مَعَ الْعَسْكَرِ، فِيهَا الْمِيرَةُ، وَسَارُوا بِهَا إِلَى عَسْكَرِ صَاحِبِ الزَّنْجِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ، لِتَحَاسُدٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَحْيَى.
وَوَجَّهَ يَحْيَى طَلَائِعَهُ إِلَى دِجْلَةَ، فَلَقِيَهُمْ جَيْشُ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ سَائِرِينَ إِلَى نَهْرِ أَبِي الْأَسَدِ، فَرَجَعُوا إِلَى عَلِيٍّ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَجِيءِ الْجَيْشِ، فَرَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي كَانَ سَلَكَهُ، وَسَلَكَ نَهْرَ الْعَبَّاسِ، وَعَلَى فَمِ النَّهْرِ شَذَوَاتٌ لِحَمِيَّةٍ مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا رَآهُمْ يَحْيَى رَاعَهُ ذَلِكَ، وَخَافَ أَصْحَابُهُ فَنَزَّلُوا السُّفُنَ (وَعَبَرُوا النَّهْرَ، وَلَقِيَ يَحْيَى وَمَنْ مَعَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَقَاتَلَهُمْ هُوَ وَذَلِكَ النَّفَرُ) الْيَسِيرُ، فَرَمَوْهُمْ بِالسِّهَامِ، فَجُرِحَ ثَلَاثَ جِرَاحَاتٍ ; فَلَمَّا جُرِحَ تَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، (وَلَمْ يُعْرَفْ حَتَّى يُؤْخَذَ) ، فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ بَعْضَ السُّفُنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute