وَإِبْرَاهِيمَ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْحَرْبُ سَيَّرَ طَائِفَةً مِنْهُمْ إِلَى الْبَصْرَةِ، (يُقَاتِلُ بِهِمْ إِسْحَاقَ) ، فَأَقَامُوا كَذَلِكَ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى أَنْ صُرِفَ مُوسَى بْنُ بُغَا عَنْ حَرْبِ الزَّنْجِ، وَوَلِيَهَا مَسْرُورٌ الْبَلْخِيُّ، فَانْتَهَى الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى الْخَبِيثِ.
ذِكْرُ مُلْكِ يَعْقُوبَ نَيْسَابُورَ
وَفِيهَا، فِي شَوَّالٍ، دَخَلَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ نَيْسَابُورَ، وَكَانَ سَبَبُ مَسِيرِهِ إِلَيْهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ السِّجْزِيَّ كَانَ يُنَازِعُ يَعْقُوبَ بِسِجِسْتَانَ، فَلَمَّا قَوِيَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ هَرَبَ مِنْهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ يَطْلُبُ مِنِ ابْنِ طَاهِرٍ أَنْ يُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَسَارَ نَحْوَهُ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهَا، وَأَرَادَ دُخُولَهَا، وَجَّهَ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ يَسْتَأْذِنُهُ فِي تَلَقِّيهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَبَعَثَ بِعُمُومَتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَتَلَقَّوْهُ.
ثُمَّ دَخَلَ نَيْسَابُورَ فِي شَوَّالٍ، فَرَكِبَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ فِي مَضْرِبِهِ، فَسَاءَلَهُ، ثُمَّ وَبَّخَهُ عَلَى تَفْرِيطِهِ فِي عَمَلِهِ، وَقَبَضَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى نَيْسَابُورَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَذْكُرُ تَفْرِيطَ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ فِي عَمَلِهِ، وَأَنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ سَأَلُوهُ الْمَسِيرَ إِلَيْهِمْ، وَيَذْكُرُ غَلَبَةَ الْعَلَوِيِّينَ عَلَى طَبَرِسْتَانَ، وَبَالَغَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا أُسْنِدَ إِلَيْهِ، وَأَلَّا يَسْلُكَ مَعَهُ مَسْلَكَ الْمُخَالِفِينَ.
وَقِيلَ كَانَ سَبَبُ مُلْكِ يَعْقُوبَ نَيْسَابُورَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ [وَمِائَتَيْنِ] مِنْ ضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ أَمِيرِ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ يَعْقُوبُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ سَارَ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى قَصْدِ طَبَرِسْتَانَ لِيُمْضِيَ مَا أَمَرَهُ الْخَلِيفَةُ فِي الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْمُتَغَلِّبِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَسْبَابِهِ.
وَكَانَ بَعْضُ خَاصَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، وَبَعْضُ أَهْلِهِ لَمَّا رَأَوْا إِدْبَارَ أَمْرِهِ مَالُوا إِلَى يَعْقُوبَ، فَكَاتَبُوهُ، وَاسْتَدْعَوْهُ، وَهَوَّنُوا عَلَى مُحَمَّدٍ أَمْرَ يَعْقُوبَ (مِنْ نَيْسَابُورَ) ، فَأَعْلَمُوهُ أَنَّهُ لَا خَوْفَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَثَبَّطُوهُ عَنِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، فَرَكَنَ مُحَمَّدٌ إِلَى قَوْلِهِمْ، حَتَّى قَرُبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute