للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْقُوبُ مِنْ نَيْسَابُورَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ قَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ يُطَيِّبُ قَلْبَهُ، وَأَمَرَهُ بِمَنْعِهِ عَنْ الِانْتِزَاحِ عَنْ نَيْسَابُورَ إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ.

ثُمَّ وَصَلَ يَعْقُوبُ إِلَى نَيْسَابُورَ رَابِعَ شَوَّالٍ وَأَرْسَلَ أَخَاهُ عَمْرَو بْنَ اللَّيْثِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، فَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَقَيَّدَهُ، وَعَنَّفَهُ عَنْ إِهْمَالِهِ عَمَلَهُ، وَعَجْزِهِ عَنْ حِفْظِهِ، ثُمَّ قَبَضَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَكَانُوا نَحْوًا مِنْ مِائَةٍ وَسِتِّينَ رَجُلًا، وَحَمَلَهُمْ إِلَى سِجِسْتَانَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى خُرَاسَانَ، وَرَتَّبَ فِي الْأَعْمَالِ نُوَّابَهُ.

وَكَانَتْ وِلَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهْرَيْنِ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ.

ذِكْرُ ظُهُورِ ابْنِ الصُّوفِيِّ بِمِصْرَ ثَانِيًا

وَفِيهَا عَادَ ابْنُ الصُّوفِيِّ الْعَلَوِيُّ فَظَهَرَ بِمِصْرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ [وَمِائَتَيْنِ] ظُهُورَهُ وَهَرَبَهُ إِلَى الْوَاحَاتِ، فَأَحَمَّ نَفْسَهُ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ، فَتَبِعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْأَشْمُونِينَ، فَوُجِّهَ إِلَيْهِ جَيْشٌ عَلَيْهِمْ قَائِدٌ يُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي الْغَيْثِ، فَوَجَدَهُ قَدْ أَصْعَدَ إِلَى لِقَاءِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيِّ، وَسَنَذْكُرُ بَعْدُ هَذَا.

فَلَمَّا وَصَلَ الْعَلَوِيُّ إِلَى الْعُمَرِيِّ الْتَقَيَا، فَكَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ شَدِيدٌ، أَجْلَتِ الْوَقْعَةُ عَنِ انْهِزَامِ الْعَلَوِيِّ، فَوَلَّى مُنْهَزِمًا إِلَى أَسْوَانَ، فَعَاثَ فِيهَا، وَقَطَعَ كَثِيرًا مِنْ نَخْلِهَا.

فَسَيَّرَ إِلَيْهِ ابْنُ طُولُونَ جَيْشًا، وَأَمَرَ بِطَلَبِهِ أَيْنَ كَانَ، فَسَارَ الْجَيْشُ فِي طَلَبِهِ فَوَلَّى هَارِبًا إِلَى عَيْذَابَ، وَعَبَرَ الْبَحْرَ إِلَى مَكَّةَ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ بَلَغَ خَبَرُهُ إِلَى وَالِيهَا، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ سَيَّرَهُ إِلَى ابْنِ طُولُونَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مِصْرَ أُمِرَ بِهِ فَطِيفَ بِهِ فِي الْبَلَدِ، ثُمَّ سَجَنَهُ مُدَّةً وَأَطْلَقَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.

ذِكْرُ حَالِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيِّ

قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيِّ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

وَكَانَ سَبَبُ ظُهُورِهِ بِمِصْرَ أَنَّ الْبِجَاةَ أَقْبَلَتْ يَوْمَ الْعِيدِ، فَنَهَبُوا وَقَتَلُوا وَعَادُوا غَانِمِينَ، وَفَعَلُوا ذَلِكَ مَرَّاتٍ، فَخَرَجَ هَذَا الْعُمَرِيُّ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَكَمَنَ لَهُمْ فِي طَرِيقِهِمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>