وَاقِفٌ وَأَخِي إِسْحَاقُ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِعَضُدِي فَقَالَ لِي: يَا إِسْمَاعِيلُ، ثَبَّتَّ مُلْكَكَ وَمُلْكَ بَيْتِكَ لِإِجْلَالِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى إِسْحَاقَ، وَقَالَ: ذَهَبَ مُلْكُ إِسْحَاقَ وَمُلْكُ بَيْتِهِ بِاسْتِخْفَافِهِ بِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ هَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْعَامِلِينَ بِعِلْمِهِ، الْمُصَنِّفِينَ فِيهِ، وَسَافَرَ إِلَى الْبِلَادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَأَخَذَ الْعِلْمَ بِمِصْرَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَالرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، وَصَحِبَ الْحَارِثَ الْمُحَاسِبِيَّ، وَأَخَذَ عَنْهُ عِلْمَ الْمُعَامَلَةِ، وَبَرَزَ فِيهِ أَيْضًا.
ذِكْرُ عِصْيَانِ أَهْلِ بُرْقَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَصَى أَهْلُ بُرْقَةَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ، وَأَخْرَجُوا أَمِيرَهُمْ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَرَجِ الْفَرْغَانِيَّ، فَبَعَثَ ابْنُ طُولُونَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ غُلَامُهُ لُؤْلُؤٌ، وَأَمَرَهُ بِالرِّفْقِ بِهِمْ، وَاسْتِعْمَالِ اللِّينَ، فَإِنِ انْقَادُوا وَإِلَّا السَّيْفُ.
فَسَارَ الْعَسْكَرُ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى بُرْقَةَ، وَحَصَرُوا أَهْلَهَا، وَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ مِنَ اللِّينِ، فَطَمِعَ أَهْلُ بُرْقَةَ، وَخَرَجُوا يَوْمًا عَلَى بَعْضِ الْعَسْكَرِ، وَهُمْ نَازِلُونَ عَلَى بَابِ الْبَلَدِ، فَأَوْقَعُوا بِهِمْ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ.
فَأَرْسَلَ لُؤْلُؤٌ إِلَى صَاحِبِهِ أَحْمَدَ يُعَرِّفُهُ الْخَبَرُ، فَأَمَرَ بِالْجِدِّ فِي قِتَالِهِمْ، فَنَصَبَ عَلَيْهِمُ الْمَجَانِيقَ، وَجَدَّ فِي قَتْلِهِمْ، وَطَلَبُوا الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ، فَفَتَحُوا لَهُ الْبَابَ، فَدَخَلَ الْبَلَدَ، وَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، وَضَرَبَهُمْ بِالسِّيَاطِ وَقَطَعَ أَيْدِيَ بَعْضِهِمْ، وَأَخَذَ مَعَهُ جَمَاعَةً مِنْهُمْ وَعَادَ إِلَى مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى بُرْقَةَ عَامِلًا.
وَلَمَّا وَصَلَ لُؤْلُؤٌ إِلَى مِصْرَ خَلَعَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ خِلْعَةً فِيهَا طَوْقَانِ، فَوَضَعَهَا فِي رَقَبَتِهِ، وَطِيفَ بِالْأَسْرَى فِي الْبَلَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute