وَكَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ أَعَدَّ لَهُمْ مَنْ يَتَعَرَّضُهُمْ إِذَا انْهَزَمُوا، فَصَادَفُوهُمْ، وَأَوْقَعُوا بِهِمْ، وَسَلَبُوهُمْ، وَأَخَذُوا دَوَابَّهُمْ، وَرَجَعُوا (بِأَسْوَإِ حَالٍ، فَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى الْخَبِيثِ بِذَلِكَ فَعَنَّفَهُ، وَقَالَ: ضَيَّعْتَ أَمْرِي فِي تَرْكِ الرَّهَائِنِ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَتَهَدَّدُهُ، فَخَافَ مُحَمَّدٌ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَخْضَعُ وَيَذِلُّ، وَرَدَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ وَقَالَ:
إِنَّنِي كَبَسْتُ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ، وَخَلَّصْتُ هَذِهِ مِنْهُمْ. فَأَظْهَرَ الْخَبِيثُ الْغَضَبَ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ مُحَمَّدٌ إِلَيْهِ بَهْبُودَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الْكَرْمَانِيَّ، وَكَانَا أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَى عَلِيٍّ، فَضَمِنَ لَهُمَا مَالًا إِنْ أَصْلَحَا لَهُ عَلِيًّا وَصَاحِبَهُ، فَفَعَلَا ذَلِكَ، فَأَجَابَهُمَا الْخَبِيثُ إِلَى الرِّضَا عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى أَنْ يَخْطُبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ بِلَادِهِ، وَأَعْلَمَا مُحَمَّدًا ذَلِكَ، فَأَجَابَهُمَا إِلَى كُلِّ مَا طَلَبَا، وَجَعَلَ يُرَاوِغُ فِي الدُّعَاءِ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ.
ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا اسْتَعَدَّ لِمَتُّوثَ، وَسَارَ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا، فَرَجَعَ، وَعَمِلَ السَّلَالِيمَ، الْآلَاتِ الَّتِي يَصْعَدُ بِهَا إِلَى السُّورِ، وَاسْتَعَدَّ لِقَصْدِهَا، فَعَرَفَ ذَلِكَ مَنْصُورٌ الْبَلْخِيُّ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بُكُوَرِ الْأَهْوَازِ، فَلَمَّا سَارَ عَلِيٌّ إِلَيْهَا سَارَ إِلَيْهِ مَسْرُورٌ، فَوَافَاهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَهُوَ نَازِلٌ عَلَيْهَا، فَلَمَّا عَايَنَ الزَّنْجُ أَوَائِلَ خَيْلِ مَسْرُورٍ انْهَزَمُوا أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ، وَتَرَكُوا جَمِيعَ مَا كَانُوا أَعَدُّوهُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْصَرَفَ عَلِيٌّ مَهْزُومًا، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى أَتَتْهُ الْأَخْبَارُ بِإِقْبَالِ الْمُوَفَّقِ، وَلَمْ يَكُنْ لَعَلِيٍّ بَعْدَ مَتُّوثَ وَقْعَةٌ، حَتَّى فُتِحَتْ سُوقُ الْخَمِيسِ وَطَهْثَا عَلَى الْمُوَفَّقِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ، وَيَسْتَحِثُّهُ حَثًّا شَدِيدًا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَّى عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ خِلَافَتَهُ عَلَى الشُّرْطَةِ بِبَغْدَاذَ وَسُرُّ مَنْ رَأَى فِي صَفَرٍ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْمُوَفَّقُ، وَعَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ.
وَفِيهَا، فِي صَفَرٍ، غَلَبَ أَسَاتِكِينُ عَلَى الشُّرْطَةِ وَهِيَ الْآنُ مِنْ أَعْمَالِ سِجِسْتَانَ وَعَلَى الرَّيِّ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا خَطَلَنْخَجُورَ الْعَامِلَ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى قَزْوِينَ وَعَلَيْهَا أَخُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute