للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَجْنَادَهُ، وَعَيَّنَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مَوْضِعًا يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ وَيَضْبُطُونَهُ، وَكَتَبَ الْمُوَفَّقُ إِلَى الْبِلَادِ فِي عَمَلِ السُّمَيْرِيَّاتِ، وَالشَّذَوَاتِ، وَالزَّوَارِيقِ، وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا لِيَضْبُطَ بِهَا الْأَنْهَارَ، لِيَقْطَعَ الْمِيرَةَ عَنِ الْخَبِيثِ، وَأَسَّسَ فِي مَنْزِلَتِهِ مَدِينَةً سَمَّاهَا الْمُوَفَّقِيَّةَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ فِي النَّوَاحِي بِحَمْلِ الْأَمْوَالِ وَالْمِيرَةِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ إِلَى مَدِينَتِهِ، وَأَمَرَهِمْ بِإِنْفَاذِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِثْبَاتِ فِي الدِّيوَانِ، وَأَقَامَ يَنْتَظِرُ ذَلِكَ شَهْرًا، فَوَرَدَتْ عَلَيْهِ الْمِيرَةُ مُتَتَابِعَةً، وَجَهَّزَ التُّجَّارُ صُنُوفَ التِّجَارَاتِ إِلَى الْمُوَفَّقِيَّةِ، وَاتُّخِذَتْ فِيهَا الْأَسْوَاقُ، وَوَرَدَتْهَا مَرَاكِبُ الْبَحْرِ، وَبَنَى الْمُوَفَّقُ بِهَا الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، فَجَمَعَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ مِنَ الْمَرَافِقِ، وَسِيقَ إِلَيْهَا مِنْ صُنُوفِ الْأَشْيَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مِصْرَ مِنَ الْأَمْصَارِ الْقَدِيمَةِ وَحُمِلَتِ الْأَمْوَالُ، وَأُدِرَّتِ الْأَرْزَاقُ.

وَعَبَرَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الزَّنْجِ، فَنَهَبُوا أَطْرَافَ عَسْكَرِ نُصَيْرٍ، وَأَوْقَعُوا بِهِ، فَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ نُصَيْرًا بِجَمْعِ عَسْكَرِهِ وَضَبْطِهِمْ، وَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ ابْنَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ بِالْمَسِيرِ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الزَّنْجِ كَانُوا خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَقَاتَلَهُمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَغَنِمَ مَا كَانَ مَعَهُمْ، فَصَارَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ فِي الْأَمَانِ، فَأَمَّنَهُمْ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ وَوَصَلَهُمْ، وَأَقَامَ أَبُو أَحْمَدَ يُكَايِدُ الْخَبِيثَ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ لِمَنْ صَارَ إِلَيْهِ، وَمُحَاصَرَةِ الْبَاقِينَ، وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ.

وَكَانَتْ قَافِلَةٌ قَدْ أَتَتْ مِنَ الْأَهْوَازِ، وَأَسْرَى إِلَيْهَا بَهْبُودُ فِي سُمَيْرِيَّاتٍ فَأَخَذَهَا، وَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَفَّقِ، وَغَرِمَ لِأَهْلِهَا مَا أُخِذَ مِنْهُمْ، وَأَمَرَ بِتَرْتِيبِ الشَّذَوَاتِ عَلَى مَخَارِجِ الْأَنْهَارِ، وَقَلَّدَ ابْنَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّذَا، وَحَفِظَ الْأَنْهَارَ بِهَا مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُمْ بِهِ.

وَفِي رَمَضَانَ عَبَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْخَبِيثِ يُرِيدُونَ الْإِيقَاعَ بِنُصَيْرٍ، (فَنَذَرَ بِهِمُ النَّاسُ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ) فَرَدُّوهُمْ خَائِبِينَ، وَظَفِرُوا بِصَنْدَلٍ الزَّنْجِيِّ، كَانَ يَكْشِفُ رُءُوسَ الْمُسْلِمَاتِ، وَيُقَلِّبُهُنَّ تَقْلِيبَ الْإِمَاءِ، فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ أَمَرَ الْمُوَفَّقُ أَنْ يُرْمَى بِالسِّهَامِ ثُمَّ قَتَلَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>