غَيْرَهُمْ، وَانْتَظَرَ إِقْبَالَ الْمَدِّ، وَعُلُوِّهِ، فَلَمَّا أَقْبَلْ عَادَتِ الشَّذَا إِلَى قَصْرِهِ، وَأَحْرَقُوا بُيُوتًا مِنْهُ كَانَتْ تُشْرِعُ عَلَى دِجْلَةَ، وَأُضْرِمَتِ النَّارُ فِيهَا، وَاتَّصَلَتْ، وَقَوِيَتْ، فَأَعْجَلَتِ الْخَبِيثَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَنِ التَّوَقُّفِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَانَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَالذَّخَائِرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَخَرَجَ هَارِبًا وَتَرَكَهُ كُلَّهُ.
وَعَلَا غِلْمَانُ الْمُوَفَّقِ قَصْرَهُ مَعَ أَصْحَابِهِمْ، فَانْتَهَبُوا مَا لَمْ تَأْتِ النَّارُ عَلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْحُلِيِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاسْتَنْقَذُوا جَمَاعَةً مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي كَانَ الْخَبِيثُ يَأْنَسُ بِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ اسْتَرَقَّهُنَّ، وَدَخَلُوا دُورَهُ (وَدُورَ ابْنِهِ أَنْكِلَايَ) ، فَأَحْرَقُوهَا جَمِيعًا، وَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَتَحَارَبُوا هُمْ وَأَصْحَابُ الْخَبِيثِ عَلَى بَابِ قَصْرِهِ، فَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي أَصْحَابِهِ، وَالْجِرَاحُ، وَالْأَسْرُ، وَفَعَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي دَارِ الْكَرْنَابِيِّ مِنَ النَّهْبِ وَالْهَدْمِ، وَالْإِحْرَاقِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَطَعَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَوْمَئِذٍ سِلْسِلَةً عَظِيمَةً كَانَ الْخَبِيثُ قَطَعَ بِهَا نَهَرَ أَبِي الْخَصِيبِ لِيَمْنَعَ الشَّذَا مِنْ دُخُولِهِ، فَحَازَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ، وَأَخَذَهَا مَعَهُ.
وَعَادَ الْمُوَفَّقُ بِالنَّاسِ مَعَ الْمَغْرِبِ مُظَفَّرًا، وَأُصِيبَ الْفَاسِقُ فِي مَالِهِ، وَنَفْسِهِ، (وَوَلَدِهِ، وَمَنْ) كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مِثْلُ الَّذِي أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ مِنَ الذُّعْرِ، وَالْجَلَاءِ، وَتَشَتُّتِ الشَّمْلِ، وَالْمُصِيبَةِ، وَجُرِحَ ابْنُهُ أَنْكِلَايُ فِي بَطْنِهِ جِرَاحَةً أَشَفَى مِنْهَا عَلَى الْهَلَاكِ.
ذِكْرُ غَرَقِ نُصَيْرٍ
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ لِعَشَرٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ غَرِقَ أَبُو حَمْزَةَ نُصَيْرٌ، وَهُوَ صَاحِبُ الشَّذَوَاتِ.
وَكَانَ سَبَبُ غَرَقِهِ أَنَّ الْمُوَفَّقَ بَكَّرَ إِلَى الْقِتَالِ، وَأَمَرَ نُصَيْرًا بِقَصْدِ قَنْطَرَةٍ كَانَ الْخَبِيثُ عَمِلَهَا فِي نَهْرِ أَبِي الْخَصِيبِ دُونَ الْجِسْرَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ اتَّخَذَهُمَا عَلَى النَّهْرِ، وَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْجِهَاتِ، فَعَجِلَ نُصَيْرٌ، فَدَخَلَ نَهْرَ أَبِي الْخَصِيبِ، فِي أَوَّلِ الْمَدِّ، فِي عِدَّةٍ مِنْ شَذَوَاتِهِ، فَحَمَلَهَا الْمَاءُ فَأَلْصَقَهَا بِالْقَنْطَرَةِ، وَدَخَلَتْ عِدَّةٌ مِنْ شَذَوَاتِ الْمُوَفَّقِ مَعَ غِلْمَانِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute