الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ بِالْمَدَائِنِ، وَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ ابْنَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إِلَّا إِلَى الشَّامِ لِأَنَّهَا الْوِلَايَةُ الَّتِي وَلَّانِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.
فَلَمَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، فَلَمَّا حَضَرَ أَمَرَ بَعْضُ خَدَمِهِ أَنْ يَحْبِسَهُ فِي حُجْرَةٍ فِي دَارِهِ، فَلَمَّا قَامَ الْمُعْتَضِدُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْخَادِمُ وَأَمَرَهُ بِدُخُولِ تِلْكَ الدَّارِ، فَدَخَلَ وَوُكِّلَ بِهِ فِيهَا.
وَثَارَ الْقُوَّادُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَرَكِبُوا، وَاضْطَرَبَتْ بَغْدَاذُ لَمَّا رَأَوُا السِّلَاحَ وَالْقُوَّادَ، فَرَكِبَ الْمُوَفَّقُ إِلَى الْمَيْدَانِ، وَقَالَ لَهُمْ: مَا شَأْنُكُمْ؟ أَتَرَوْنَ أَنَّكُمْ أَشْفَقُ عَلَى وَلَدِي مِنِّي، وَقَدِ احْتَجْتُ إِلَى تَقْوِيمِهِ! فَانْصَرَفُوا.
(فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الطَّائِيُّ إِلَى سَامَرَّا بِسَبَبِ صِدِّيقٍ، فَرَاسَلَهُ، وَأَمَّنَهُ، وَدَخَلَ سَامَرَّا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهُمُ الطَّائِيُّ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَحَمَلَهُمْ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَفِيهَا غَزَا يَازْمَانُ فِي الْبَحْرِ، فَغَنِمَ مِنَ الرُّومِ أَرْبَعَةَ مَرَاكِبَ) .
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ رَافِعِ بْنِ هَرْثَمَةَ عَلَى جُرْجَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ رَافِعُ بْنُ هَرْثَمَةَ إِلَى جُرْجَانَ، فَأَزَالَ عَنْهَا مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ، وَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْتِرَابَاذَ، فَحَصَرَهُ فِيهَا رَافِعٌ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ نَحْوَ سَنَتَيْنِ فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُؤْكَلُ، وَبِيعَ وَزْنُ دِرْهَمِ مِلْحٍ بِدِرْهَمَيْنِ فِضَّةٍ، وَفَارَقَهَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ لَيْلًا فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ إِلَى سَارِيَةٍ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ رَافِعٌ عَسْكَرًا، فَتَحَارَبَا، وَسَارَ مُحَمَّدٌ عَنْ سَارِيَةَ، وَعَنْ طَبَرِسْتَانَ، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَاسْتَأْمَنَ رُسْتُمُ بْنُ قَارِنَ إِلَى رَافِعٍ بِطَبَرِسْتَانَ، فَصَاهَرَهُ ابْنُ قُولَهْ.
وَقِدَمَ عَلَى رَافِعٍ، وَهُوَ بِطَبَرِسْتَانَ عَلِيُّ بْنُ اللَّيْثِ، وَكَانَ قَدْ حَبَسَهُ أَخُوهُ عَمْرٌو بِكَرْمَانَ، فَاحْتَالَ حَتَّى تَخَلَّصَ هُوَ وَابْنَاهُ الْمُعَدَّلُ وَاللَّيْثُ، وَأَنْفَذَ رَافِعٌ إِلَى شَالُوسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute