للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْجَى غَيْرُ الصَّبْرِ، فَعَادُوا إِلَى الْقِتَالِ، وَالنَّاسُ مَشْغُولُونَ بِالنَّهْبِ، فَأَوْقَعُوا بِهِمْ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَعَادَ الظَّفَرُ لِلْأَعْرَابِ.

وَكَتَبَ هَارُونُ بْنُ سِيمَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ كُنْدَاجَ يُعَرِّفُهُ أَنَّ الْبَلَدَ خَارِجٌ عَنْ يَدِهِ إِنْ لَمْ يَحْضُرْ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَسَارَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ يُرِيدُ الْمَوْصِلَ، فَخَافَهُ أَهْلُهَا، فَانْحَدَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَغْدَاذَ يَطْلُبُونَ إِرْسَالَ وَالٍ إِلَيْهِمْ، وَإِزَالَةَ ابْنِ كُنْدَاجَ عَنْهُمْ، فَاجْتَازُوا فِي طَرِيقِهِمْ بِالْحَدِيثَةِ، وَبِهَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَجْرُوحُ يَحْفَظُ الطَّرِيقَ، قَدْ وَلَّاهُ الْمُعْتَضِدُ ذَلِكَ، وَقَدْ وَصَلَ إِلَيْهِ عَهْدٌ بِوِلَايَتِهِ الْمَوْصِلَ، فَحَثُّوهُ عَلَى تَعْجِيلِ السَّيْرِ، وَأَنْ يَسْبِقَ مُحَمَّدَ بْنَ كُنْدَاجَ إِلَيْهَا، وَخَوَّفُوهُ مِنِ ابْنِ كُنْدَاجَ إِذَا دَخَلَ الْمَوْصِلَ قَبْلَهُ، فَسَارَ، فَسَبَقَ مُحَمَّدٌ إِلَيْهَا، وَوَصَلَ مُحَمَّدُ بْنُ كُنْدَاجَ إِلَى بَلَدَ، فَبَلَغَهُ دُخُولُ الْمَجْرُوحِ الْمَوْصِلَ، (فَنَدِمَ عَلَى التَّبَاطُؤِ وَكَتَبَ إِلَى خُمَارَوَيْهِ بْنِ طُولُونَ يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَأَرْسَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَصَّاصِ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ إِلَى الْمُعْتَضِدِ، وَيَطْلُبُ أُمُورًا، مِنْهَا إِمْرَةُ الْمَوْصِلِ كَمَا كَانَتْ لَهُ قَبْلُ، فَلَمْ يُجَبْ إِلَى ذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ كَرَاهَةَ أَهْلِ الْمَوْصِلِ مِنْ عُمَّالِهِ، (فَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِهَا) .

وَبَقِيَ الْمَجْرُوحُ بِالْمَوْصِلِ يَسِيرًا، وَعَزَلَهُ الْمُعْتَضِدُ، وَاسْتَعْمَلَ بَعْدَهُ عَلِيَّ بْنَ دَاوُدَ بْنِ رَهْزَادَ الْكُرْدِيَّ، فَقَالَ شَاعِرٌ يُقَالُ لَهُ الْعُجَيْنِيُّ:

مَا رَأَى النَّاسُ لِهَذَا ال ... دَّهْرِ مُذْ كَانُوا شَبِيهَا

ذَلَّتِ الْمَوْصِلُ حَتَّى ... أُمِّرَ الْأَكْرَادُ فِيهَا

(الْعُجَيْنِيُّ بِالنُّونِ) .

ذِكْرُ وَفَاةِ الْمُعْتَمِدِ

وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ رَجَبٍ بِبَغْدَاذَ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>