للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثِقَةً بِرَبِّنَا، وَاعْتِمَادًا عَلَى جَمِيلِ عَوَائِدِهِ عِنْدَنَا.

وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ سُلْطَانِكَ فَإِنَّ سُلْطَانَكَ لَا يَزَالُ مِنَّا قَرِيبٌ، وَبِحَالِنَا عَالِمًا، (فَلَا قَدَّمَ أَجَلًا وَلَا أَخَّرَهُ) ، وَلَا بَسَطَ رِزْقًا، وَلَا قَبَضَهُ، قَدْ بَعَثْنَا عَلَى مُقَابَلَتِكَ، وَسَتَعْلَمُ عَنْ قَرِيبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَعَرَضَ نَصْرٌ كِتَابَ هَارُونَ عَلَى الْمُعْتَضِدِ، فَجَدَّ فِي قَصْدِهِ، وَوَلَّى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ كَوْرَةَ الْمَوْصِلَ، وَأَمَرَهُ بِقَصْدِ الْخَوَارِجِ، وَأَمَرَ مُقَدَّمِي الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّالَ كَافَّةً بِطَاعَتِهِ، فَجَمَعَهُمْ، وَسَارَ إِلَى أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، وَخَنْدَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَقَامَ إِلَى أَنْ رَفَعَ النَّاسُ غَلَّاتِهِمْ، ثُمَّ سَارَ الْخَوَارِجُ، وَعَبَرَ الزَّابَ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ قَرِيبًا مِنَ الْمُغَلَّةِ، وَتَصَافُّوا لِلْحَرْبِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَانْكَشَفَ الْخَوَارِجُ عَنْهُ لِيُفَرِّقُوا جَمْعِيَّتَهُ، ثُمَّ يَعْطِفُوا عَلَيْهِ، فَأَمَرَ الْحَسَنُ أَصْحَابَهُ بِلُزُومِ (مَوَاقِفِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَرَجَعَ الْخَوَارِجُ، وَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ سَبْعَ عَشْرَةَ حَمْلَةً، فَانْكَشَفَتْ) مَيْمَنَةُ الْحَسَنِ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَثَبَتَ هُوَ، فَحَمَلَ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَثَبَتَ لَهُمْ وَضَرَبَ عَلَى رَأْسِهِ عِدَّةَ ضَرَبَاتٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ.

فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُهُ ثَبَاتَهُ تَرَاجَعُوا إِلَيْهِ وَصَبَرُوا، (فَانْهَزَمَ الْخَوَارِجُ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ) ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَفَارَقُوا مَوْضِعَ الْمَعْرَكَةِ، وَدَخَلُوا أَذْرَبِيجَانَ.

وَأَمَّا هَارُونُ فَإِنَّهُ تَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ، وَقَصَدَ الْبَرِّيَّةَ، (وَنَزَلَ عِنْدَ بَنِي تَغْلِبَ، ثُمَّ عَادَ مَعْلَثَايَا، ثُمَّ) عَادَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَبْرَ دِجْلَةَ إِلَى حَزَّةَ، وَعَادَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.

وَأَمَّا وُجُوهُ أَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا إِقْبَالَ دَوْلَةِ الْمُعْتَضِدِ وَقُوَّتَهُ، وَمَا لَحِقَهُمْ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ، رَاسَلُوا الْمُعْتَضِدَ يَطْلُبُونَ الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ، فَأَتَاهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، يَبْلُغُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ رَجُلًا، وَبَقِيَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ يَجُولُ بِهِمْ فِي الْبِلَادِ، إِلَى أَنْ قُتِلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ [وَمِائَتَيْنِ] عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قُبِضَ عَلَى تَكْتِمُرَ بْنِ طَاشْتِمُرَ، وَقُيِّدَ وَأُخِذَ مَالُهُ ;

<<  <  ج: ص:  >  >>