وَوَلِيَ النُّوشَرِيُّ أَصْبَهَانَ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَهَرَبَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْمُعْتَضِدِ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَى بَدْرٍ لِيُقِيمَ بِمَكَانِهِ إِلَى أَنْ يَعْرِفَ حَالَ بَكْرٍ.
وَسَارَ الْوَزِيرُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِالرَّيِّ، وَلَحِقَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْأَهْوَازِ، فَسَيَّرَ الْمُعْتَضِدُ إِلَيْهِ وَصَيْفَ بْنَ مُوشَكِيرَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَحِقَهُ بِحُدُودِ فَارِسَ، وَبَاتَا مُتَقَابِلَيْنِ، وَارْتَحَلَ بَكْرٌ إِلَى أَصْبَهَانَ (لَيْلًا، فَلَمْ يَتْبَعْهُ وَصَيْفٌ، بَلْ رَجَعَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَسَارَ بَكْرٌ إِلَى أَصْبَهَانَ) ، فَكَتَبَ الْمُعْتَضِدُ إِلَى بَدْرٍ يَأْمُرُهُ بِطَلَبِ بَكْرٍ وَحَرْبِهِ، فَأَمَرَ بَدْرٌ عِيسَى النُّوشَرِيَّ بِذَلِكَ، فَقَالَ بَكْرٌ:
عَنِّي مَلَامَكَ لَيْسَ حِينَ مَلَامِ ... هَيْهَاتَ أَجْدَبَ زَائِدُ الْأَيَّامِ
ظَأَرَتْ عِنَايَاتُ الصِّبَا عَنْ مَفْرِقِي ... وَمَضَى أَوَانُ شَرَاسَتِي وَغَرَامِي
أَلْقَى الْأَحِبَّةُ بِالْعِرَاقِ عِصِيَّهُمْ ... وَبَقِيتُ نُصْبَ حَوَادِثِ الْأَيَّامَ
وَتَقَاذَفَتْ بِأَخِي النَّوَى وَرَمَتْ ... بِهِ رَمْيَ الْعَبِيدِ قَطِيعَةُ الْأَرْحَامِ
فَلَأَقْرَعَنَّ صَفَاةَ دَهْرٍ نَابَهُمْ ... قَرْعًا يَهُزُّ رَوَاسِيَ الْأَعْلَامِ
وَلَأَضْرِبَنَّ الْهَامَ دُونَ حَرِيمِهِمْ ... ضَرْبَ الْقُدَارِ بِقِيعَةِ الْقَدَّامِ
وَلَأَتْرُكَنَّ الْوَارِدِينَ حِيَاضَهُمْ ... بِقَرَارَةٍ لِمَوْطِئِ الْأَقْدَامِ
يَا بَدْرُ إِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ مَوَاقِفِي ... وَالْمَوْتُ يَلْحَظُ وَالسُّيُوفُ دَوَامِي
لَذَمَمْتَ رَأْيَكَ فِي إِضَاعَةِ حُرْمَتِي ... وَلَضَاقَ ذَرْعُكَ فِي اطِّرَاحِ ذِمَامِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute