وَبَقِيَ سَائِرُ الْجُنُودِ بِمِصْرَ عَلَى خِلَافِهِمُ ابْنَ خُمَارَوَيْهِ، فَسَأَلَهُمْ كَاتِبُهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَاذُرَائِيُّ أَنْ يَنْصَرِفُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، (فَرَجَعُوا) ، فَقَتَلَ جَيْشٌ (عَمَّيْنِ لَهُ، وَبَكَّرَ الْجُنْدُ إِلَيْهِ، فَرَمَى بِالرَّأْسَيْنِ إِلَيْهِمْ، فَهَجَمَ الْجُنْدُ عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ) وَنَهَبُوا دَارَهُ وَنَهَبُوا مِصْرَ وَأَحْرَقُوهَا، وَأَقْعَدُوا أَخَاهُ هَارُونَ فِي الْإِمْرَةِ بَعْدَهُ، فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
ذِكْرُ حَصْرِ الصَّقَالِبَةِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَتِ الصَّقَالِبَةُ إِلَى الرُّومِ، فَحَصَرُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَخَرَّبُوا الْبِلَادَ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ مَلِكُ الرُّومِ مِنْهُمْ خَلَاصًا جَمَعَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْطَاهُمُ السِّلَاحَ، وَسَأَلَهُمْ مَعُونَتَهُ عَلَى الصَّقَالِبَةِ، فَفَعَلُوا، وَكَشَفُوا الصَّقَالِبَةَ، وَأَزَاحُوهُمْ عَنِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَلَمَّا رَأَى مَلِكُ الرُّومِ ذَلِكَ خَافَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نَفْسِهِ، فَرَدَّهُمْ، وَأَخَذَ السِّلَاحَ مِنْهُمْ وَفَرَّقَهُمْ فِي الْبِلَادِ حَذَرًا مِنْ جِنَايَتِهِمْ عَلَيْهِ.
ذِكْرُ الْفِدَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالرُّومِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ الْفِدَاءُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ، فَكَانَ جُمْلَةُ مَنْ فُدِيَ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عَسْكَرِ الْمُعْتَضِدِ، وَأَوْلَادِ أَبِي دُلَفَ
وَفِيهَا سَارَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دُلَفَ بِالْجَبَلِ، فَسَارَ عُمَرُ إِلَيْهِ بِالْأَمَانِ فِي شَعْبَانَ، فَأَذْعَنَ بِالطَّاعَةِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ دَخَلَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْأَمَانِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَبَدْرٍ، فَوَلَّيَاهُ عَمَلَ أَخِيهِ عَلَى أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ فَيُحَارِبَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عُمَرُ فِي الْأَمَانِ قَالَا لِبَكْرٍ: إِنَّ أَخَاكَ قَدْ دَخَلَ فِي الطَّاعَةِ، وَإِنَّمَا وَلَّيْنَاكَ عَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ عَاصٍ، وَالْمُعْتَضِدُ يَفْعَلُ فِي أَمْرِكُمَا مَا يَرَاهُ، فَامْضِيَا إِلَى بَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute