وَفِيهَا أُخِذَ خَادِمٌ نَصْرَانِيٌّ لِغَالِبٍ النَّصْرَانِيِّ وَشُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَتَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ بَغْدَاذَ وَصَاحُوا بِالْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَطَالَبُوهُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَى دَارِ الْمُعْتَضِدِ، فَسُئِلُوا عَنْ حَالِهِمْ، فَذَكَرُوهُ لِلْمُعْتَضِدِ، فَأَرْسَلَ مَعَهُمْ إِلَى الْقَاضِي (أَبِي عُمَرَ، فَكَادُوا يَقْتُلُونَهُ مِنْ كَثْرَةِ ازْدِحَامِهِمْ، فَدَخَلَ) بَابًا، وَأَغْلَقَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْخَادِمِ ذِكْرٌ، وَلَا لِلْعَامَّةِ ذِكْرُ اجْتِمَاعٍ فِي أَمْرِهِ.
وَفِيهَا قَدِمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ طَرَسُوسَ عَلَى الْمُعْتَضِدِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ وَالِيًا، وَكَانُوا قَدْ أَخْرَجُوا عَامِلَ ابْنِ طُولُونَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمُ الْمُعْتَضِدُ ابْنَ الْإِخْشِيدِ أَمِيرًا.
وَفِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ ظَهَرَتْ بِمِصْرَ ظُلْمَةٌ وَحُمْرَةٌ فِي السَّمَاءِ شَدِيدَةٌ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ الْآخَرِ فَيَرَاهُ أَحْمَرَ، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ مَنَازِلِهِمْ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ.
وَفِيهَا عَزَمَ الْمُعْتَضِدُ عَلَى لَعْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَأَمَرَ بِإِنْشَاءِ كِتَابٍ يُقْرَأُ عَلَى النَّاسِ، وَهُوَ كِتَابٌ طَوِيلٌ قَدْ أَحْسَنَ كِتَابَتَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدِ اسْتَدَلَّ فِيهِ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ عَلَى وُجُوبِ لَعْنِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصِحُّ، وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يَزِيدَ، وَغَيْرَهُ مِنْ بَيْنِ أُمَيَّةَ، وَعُمِلَتْ بِهِ نُسَخٌ قُرِئَتْ بِجَانِبَيْ بَغْدَاذَ، وَمُنِعَ الْقُصَّاصُ وَالْعَامَّةُ مِنَ الْقُعُودِ بِالْجَامِعَيْنِ وَرِحَابِهِمَا، وَنُهِيَ عَنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى قَاضٍ لِمُنَاظَرَةٍ، أَوْ جَدَلٍ فِي أَمْرِ الدِّينِ، وَنُهِيَ الَّذِينَ يَسْقُونَ الْمَاءَ فِي الْجَامِعَيْنَ أَنْ يَتَرَحَّمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، أَوْ يَذْكُرُوهُ.
فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِنَّا نَخَافُ اضْطِرَابَ الْعَامَّةِ، وَإِثَارَةَ الْفِتْنَةِ، فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِلْقَاضِي يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ لِيَحْتَالَ فِي مَنْعِهِ عَنْ ذَلِكَ، فَكَلَّمَ يُوسُفُ الْمُعْتَضِدَ، وَحَذَّرَهُ اضْطِرَابَ الْعَامَّةِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا نَصْنَعُ بِالطَّالِبِيِّينَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute