شَفِيعًا الْخَادِمَ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ غِلْمَانِ عُمَرَ، فَلَمَّا اسْتَأْمَنَ عُمَرُ إِلَى الْمُعْتَضِدِ وَهَرَبَ بَكْرٌ بَقِيَتِ الْقَلْعَةُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ بِيَدِ شَفِيعٍ، فَكَلَّمَهُ أَبُو لَيْلَى فِي إِطْلَاقِهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَطَلَبَ مِنْ غُلَامٍ كَانَ يَخْدِمُهُ مِبْرَدًا، فَأَدْخَلَهُ فِي الطَّعَامِ، فَبَرَدَ مِسْمَارَ قَيْدِهِ.
وَكَانَ شَفِيعٌ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ يَأْتِي إِلَى أَبِي لَيْلَى يَفْتَقِدُهُ وَيَمْضِي وَيَنَامُ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ سَيْفٌ مَسْلُولٌ، فَجَاءَ شَفِيعٌ فِي لَيْلَةٍ إِلَيْهِ، فَحَادَثَهُ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَشْرَبَ مَعَهُ أَقْدَاحًا، فَفَعَلَ، وَقَامَ الْخَادِمُ لِحَاجَتِهِ، فَجَعَلَ أَبُو لَيْلَى فِي فِرَاشِهِ ثِيَابًا تُشْبِهُ إِنْسَانًا نَائِمًا، وَغَطَّاهَا بِاللِّحَافِ، وَقَالَ لِجَارِيَةٍ كَانَتْ تَخْدِمُهُ: إِذَا عَادَ شَفِيعٌ قُولِي لَهُ هُوَ نَائِمٌ.
وَمَضَى أَبُو لَيْلَى فَاخْتَفَى ظَاهِرَ الدَّارِ، وَقَدْ أَخْرَجَ قَيْدَهُ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَمَّا عَادَ شَفِيعٌ قَالَتْ لَهُ الْجَارِيَةُ: هُوَ نَائِمٌ، فَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَمَشَى إِلَى دَارِهِ، وَنَامَ فِيهَا، فَخَرَجَ أَبُو لَيْلَى، وَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْ عِنْدِ شَفِيعٍ، وَقَتَلَهُ، فَوَثَبَ الْغِلْمَانُ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو لَيْلَى: قَدْ قَتَلْتُ شَفِيعًا، وَمَنْ تَقَدَّمَ إِلَيَّ قَتَلْتُهُ، فَأَنْتُمْ آمِنُونَ، فَخَرَجُوا مِنَ الدَّارِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَكَلَّمَهُمْ، وَوَعَدَهُمُ الْإِحْسَانَ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمِ الْأَيْمَانَ، وَجَمَعَ الْأَكْرَادَ، وَغَيْرَهُمْ، وَخَرَجَ مُخَالِفًا عَلَى الْمُعْتَضِدِ.
وَكَانَ قَتْلُ شَفِيعٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
وَلَمَّا خَرَجَ أَبُو لَيْلَى عَلَى السُّلْطَانِ قَصَدَهُ عِيسَى النُّوشَرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا، فَأَصَابَ أَبُو لَيْلَى فِي حَلْقِهِ سَهْمٌ فَنَحَرَهُ، فَسَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى أَصْبَهَانَ، ثُمَّ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَفِيهَا كَانَ الْمُنَجِّمُونَ يُوعِدُونَ بِغَرَقِ أَكْثَرِ الْأَقَالِيمِ إِلَّا إِقْلِيمَ بَابِلَ فَإِنَّهُ يَسْلَمُ مِنْهُ الْيَسِيرُ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِكَثْرَةِ الْأَمْطَارِ، وَزِيَادَةِ الْأَنْهَارِ، وَالْعُيُونِ.
(فَقَحَطَ النَّاسُ، وَقَلَّتِ الْأَمْطَارُ، وَغَارَتِ الْمِيَاهُ حَتَّى احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ، فَاسْتَسْقَوْا بِبَغْدَاذَ مَرَّاتٍ) .
[وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِأُتْرُنْجَةَ] .
وَفِيهَا ظَهَرَ اخْتِلَالُ حَالِ هَارُونَ بْنِ خُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ بِمِصْرَ، وَاخْتَلَفَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute